للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} ١، وفصَّل كثيرًا من أحوال موسى في مدين ثم قال: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} ٢، ووصف ولادة السيدة مريم ابنها عيسى عليهما السلام وكفالة زكريا لها ثم قال: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} ٣، وأسهب في سرد قصة يوسف وإخوته، ثم قال: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} ٤.

وكم من خبر مستقبل كشف القرآن حجابه فتحقق في حياة المشركين ورأوه بأم أعينهم! ألم يستعص أهل مكة على النبي حتى دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم القحط وأكلوا العظام، وجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد٥، مصداقا لقوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ، يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٦؟.

وانتصار الروم على الفرس من بعد غلبهم ألم يتم في بعض سنين كما قاله الله: {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ} ٧؟ ألم تلحق المشركين الهزيمة في بدر الكبرى في السنة الثانية للهجرة تصديقا لآية سورة القمر المكية {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر} ٨ مع أن فكرة التقاء الجمعين لم تكن في مكة واردة أصلا؟ وهل أخلف الله المؤمنين ما


١ سورة هود ٤٩.
٢ سورة القصص ٤٤, ٤٥.
٣ آل عمران ٤٤.
٤ سورة يوسف ١٠٢.
٥ صحيح البخاري عن ابن مسعود ٦/ ١١٤.
٦ الدخان ١٠, ١١.
٧ الروم ١-٣.
٨ القمر ٤٥. وقارن بصحيح البخاري ٦/ ١٤٥.

<<  <   >  >>