للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعمر١، ونصر بن عاصم الليثي٢.

أما أبو الأسود الدؤلي فقد اشتهر بأنه سبق إلى وضع مسائل في العربية٣ بأمرعلي بن أبي طالب، ويبدو أن نقطة القرآن لم يكن إلا امتدادًا لما يظن من سبقه هذا٤. ويتناقلون قصة في هذا الموضوع تومئ إلى شدة غيرته على لغة القرآن، فقد سمع قارئًا يقرأ قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ٥، فقرأها بجر اللام من كلمة "رسوله"، فأفزع هذا اللحن أبا الأسود وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله! ثم ذهب إلى زياد وإلي البصرة وقال له: قد أجبتك إلى ما سألت. وكان زياد قد سأله أن يجعل للناس علامات يعرفون بها كتاب الله٦، فتباطأ في الجواب حتى راعه هذا الحادث. وهنا جد جده، وانتهى به اجتهاده إلى أن جعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وجعل علامة الكسر نقطة أسفله، وجعل علامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين٧"، ويرى بعض العلماء أن أبا الأسود إنما نقط القرآن بأمر عبد الملك بن مروان٨. وعسير علينا أن


١ ولد يحيى بن يعمر في البصرة في حدود سنة ٤٥، وقضى شطرًا من حياته في العراق، ثم هاجر إلى خراسان، كان هواه مع علي وشيعته "انظر وفيات الأعيان ٢/ ٢٢٧، ط. سنة ١٣١٠" ولعل الحجاج نفاه إلى خراسان بهذ السبب. يقال: إنه روى في حداثته عن ابن عباس وابن عمر، وروى عنه قتادة "ت سنة ١٨٨" وقد أصبح ابن يعمر قاضي مرو وفي تلك المدينة توفي سنة ١٢٩ "انظر وفيات الأعيان ٢/ ٢٢٦، ط. سنة ١٣١٠؛ غاية النهاية في طبقات القراء ص٣٨١، بغية الوعاة ص٤١٧". وفي سير النبلاء ٤/ ٢٥١ أن وفاته قبل التسعين.
٢ نصر بن عاصم الليثي هو أحد قراء البصرة، أخذ عن أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر، وأخذ عنه أبو عمرو بن العلاء، توفي سنة ٨٩هـ "انظر بغية الوعاة ٤٠٣. طبقات القراء ٣٣٦".
٣ البرهان ١/ ٣٧٨.
٤ ولذلك ينقل الزركشي في "البرهان ١/ ٢٥٠" عن المبرد قوله: "أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي". ومثله في المحكم؟.
٥ سورة التوبة ٣.
٦ في البرهان ١/ ٢٥٠-٢٥١ "وذكر أبو الفرج: أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود أن ينقط المصحف".
٧ الزرقاني، مناهل العرفان ١/ ٤٠١. وقارن بالإيضاح لابن الأنباري ١٦/ ١-١٧/ ١.
٨ الإتقان ٢/ ٢٩٠.

<<  <   >  >>