للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنه قال يوما وهو على المنبر: "أذكر الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف" لما قام. فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا بذلك، فقال عثمان رضي الله عنه: "وأنا أشهد معهم"١.

وتوافق هذه الجموع التي لم تحص عددا٢ على هذا الموضوع، حمل بعض الأئمة على القول بتواتر الحديث, وفي طليعة هؤلاء أبو عبيد القاسم بن سلام٣. وإذا لم يتوافر التواتر في الطبقات المتأخرة، فحسبنا صحة الأحاديث التي ذكرناها مؤكدا لهذه الحقيقة الدينية التي نطق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويميل جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية اشتملت على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة٤, واختار القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني هذا الرأي وقال: "الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطها عنه الأئمة، وأثبتها عثمان والصحابة في المصحف، وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترًا"٥.

وعبارة "الأحرف" -وهي جمع حرف- الواردة في الحديث تقع على معان مختلفة، فقد تكون بمعنى القراءة كقول ابن الجزري: "كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر"٦. وقد تفيد المعنى والجهة ٧ كما يقول أبو جعفر


١ الإتقان ١/ ٧٨.
٢ وفي وسعنا أن نكون فكرة عن هذا العدد الذي يتعذر إحصاؤه إذا استقصينا هذه الأسماء التي يصرح بها السيوطي في قوله: "ورد حديث" "نزل القرآن على سبعة أحرف" من رواية جمع من الصحابة, أبي بن كعب, وأنس، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن أرقم، وسمرة بن جندب، وسلمان بن صرد، وابن عباس، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان, وعمر بن الخطاب، وعمرو بن أبي سلمة، وعمرو بن العاص, ومعاذ بن جبل؛ وهشام بن حكيم, وأبي أيوب, فهؤلاء أحد وعشرون صحابيًا" الإتقان ١/ ٧٨.
٣ نقل السيوطي عنه أنه نص على تواتر حديث الأحرف السبعة "انظر الإتقان ١/ ٧٨".
٤ الإتقان ١/ ٨٥.
٥ البرهان ١/ ٢٢٤.
٦ ابن الجزري، طبقات القراء ١/ ٢٩٢.
٧ البرهان ١/ ٢١٣.

<<  <   >  >>