للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خثعم، وكلمة "الودق" بمعنى المطر بلغة جرهم١. وقد استبعد ابن عبد البر٢، أن يكون معنى سبعة أحرف سبع لغات، "لأنه لو كان كذلك لم ينكر القوم بعضهم على بعض في أول الأمر, لأن ذلك من لغته التي طبع عليها.

وأيضا فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي, وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته٣" وقد يدافع عن ذلك بإرادة الكثرة في عدد السبعة، ولكننا بينا ضعف هذا الرأي في مقام كهذا لا بد أن يكون فيه للعدد مفهوم.

وهذه الآراء السابقة كلها -على ضعفها- لا نستغرب ذكر العلماء لها بين تلك المجموعة من الأقوال الشارحة للأحرف السبعة، ولكننا لا نستغرب وحسب بل نستنكر استنكارًا شديدًا جنوح بعض العلماء إلى مفهومات سقيمة ما أنزل الله بها من سلطان, يظنون أنهم يفسرون بها الحديث تفسيرا باطنيا عميقا، ويرون في الأحرف السبعة ما لا يراه الناس. من ذلك أن المراد بهذه الأحرف سبعة علوم: علم الإنشاء والإيجاد، وعلم التوحيد والتنزيه، وعلم صفات الذات وعلم صفات الفعل، وعلم صفات العفو والعذاب, وعلم الحشر والحساب, وعلم النبوات٤". ومن ذلك أن المراد سبعة أشياء: "المطلق والمقيد، والعام والخاص، والنص والمؤول, والناسخ والمنسوخ, والمجمل والمفسر, والاستثناء وأقسامه"٥.

وقد بلغت الجراءة ببعضهم حد الاستشهاد بحديث ضعيف على رأيهم الباطل في هذه الأحرف السبعة، فرفعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثا رواه ابن مسعود قال:


١ الإتقان ١/ ٢٣٠ ومن أراد أمثلة أخرى فلينظر الإتقان ١/ ٢٢٧-٢٣١ "النوع لسابع والثلاثون فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز".
٢ هو يوسف بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد البر النمري القرطبي، صاحب كتاب الاستيعاب توفي سنة ٤٦٣ "شذرات الذهب ٣/ ٣١٤".
٣ البرهان ١/ ٢١٩ وانظر فيما يتعلق بالاستدلال بقرشية عمر وهشام "الإتقان ١/ ٨٢".
٤ الإتقان ١/ ٨٣. والزركشي في "البرهان١/ ٢٢٤-٢٢٥" يذكر هذه العلوم السبعة مع الشواهد القرآنية عليها، لكننا اكتفينا بعبارة الإتقان طلبا للاختصار.
٥ البرهان ١/ ٢٢٥.

<<  <   >  >>