للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا المثل مع إيجاز لفظه تضمن حجتين عظيمتين في إبطال الشرك. لذلك ذكر الله أنه من الأمثال التي يفصّل بها آياته لهداية الناس، فقال سبحانه معقباً على المثل: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .

وأقوال المفسرين لا تخرج عن هاتين الحجتين، وأكثرهم يكتفي بذكر الحجة الثانية - وهي أن الله أولى منهم بالتنزه من مشاركة العبيد - لأنها تتضمن الحجة الأولى - وهي إبطال المساواة بين العبد وسيده في الحقوق.

قال ابن جرير - رحمه الله -: "يقول تعالى ذكره: مثَّل لكم أيها القوم ربكم مثلاً من أنفسكم، هل لكم مما ملكت أيمانكم، يقول: من مماليككم، من شركاء فيما رزقناكم من مال، فأنتم فيه سواء وهم. يقول: فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم، فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها لي شركاء في عبادتكم إياي، وأنتم وهم عبيدي ومماليكي، وأنا مالك جميعكم"١.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "يقول تعالى: إذا كنتم أنتم لا ترضون بأن المملوك يشارك مالكه لما في ذلك من النقص والظلم، فكيف ترضون ذلك لي وأنا أحق بالكمال


١ جامع البيان، (١٠/١٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>