للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم إلى سبب معين للفطرة مقوٍّ لها، وقد بينا أنّ هذا السبب لا يحدث في الفطرة ما لم يكن فيها، بل يعينها ويذكرها ويقويها، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين يدعون العباد إلى موجب هذه الفطرة، فإذا لم يحصل مانع يمنع الفطرة عن مقتضاها استجابت لدعوة الرسل ولابد بما فيها من المقتضي لذلك، كمن دعا جائعاً أو ظمآناً إلى شراب أو طعام لذيذ نافع لا تبعة فيه عليه ولا يكلفه ثمنه، فإنه ما لم يحصل هناك مانع فإنه يجيبه ولا بدّ...." إلى أن قال:

"ومن المعلوم إن كل نفس قابلة لمعرفة الحق وإرادة الخير، ومجرد التعليم لا يوجب تلك القابلية، فلولا أن في النفس قوة تقبل ذلك لم يحصل لها القبول، فإن لحصوله في المحل شروطاً مقبولة، وذلك القبول هو كونه مستعداً مهيئا له مستعدا لحصوله فيه"١.

فالفطرة إذاً هي الاستعداد والقابلية لمعرفة الحق والركون إليه، ومؤهلة - إذا عرض عليها الحق وقبلته - لهداية الله وتوفيقه للإيمان.

والفتيلة في المصباح مهيأة صالحة لامتصاص الزيت، وهذا يقابل استعداد الفطرة وقبولها للعلم والهدى الذي جاء به الرسل.


١مختصر شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، للإمام ابن قيم الجوزية، اختصار خالد عبد الرحمن العك، ص (١١٢، ١١٣) دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى ١٤١٦ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>