للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الألفاظ وإن كانت حقيقة في كل ما تنسب إليه، إلا أن الحقائق تختلف باختلاف محالّها التي تعلقت بها.

قال ابن القيم - رحمه الله -: "فإن هذه الأمور إذا أضيفت إلى محالّها كانت بحسب تلك المحالّ"١.

فحياة البدن حقيقة، وحقيقته سريان الروح فيه، وموته حقيقة، وحقيقته مفارقة الروح له.

وحياة القلب حقيقة، وحقيقته قذف الله الإيمان فيه. وموته حقيقة، وحقيقته مفارقة الإيمان له وخلوه منه. ونور القلب حقيقة، وحقيقته أن يجعل الله فيه النور. وعماه حقيقة، وحقيقته خلوه من ذلك النور نور العلم والإيمان.

وهكذا في كل الألفاظ المنسوبة إلى القلب فهي على الحقيقة المناسبة للقلب، على قاعدة "لكل ذات ما يناسبها من الصفات".

وكما دل المثل - كما تقدم - على أن نور القلب حقيقة، إذ لا يضرب المثل لشيء لا حقيقة له، فقد وردت آية واضحة الدلالة قاطعة في إثبات عمى القلوب حقيقة وهي قول الله تعالى: {أفلَمْ يَسِيرُوا في الأرْض


١ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ص (١٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>