الفائدة الرابعة: دل المثل على أن للإيمان والعلم نوراً حقيقياً في قلوب المؤمنين.
وذلك مستفاد من التشبيه نفسه، حيث لا يفهم من تشبيه نور الإيمان والعلم بالمصباح المتقد الذي وقوده زيت جيد، إلا حقيقة ذلك النور، وإنما ضرب المثل لبيان حقيقته وما يتعلق به من الأوصاف وما ينتج عنه من الآثار.
ولا يجوز أن يقال إن الله ضرب مثلاً محسوساً لبيان وإيضاح أمر مجازي لا حقيقة له.
فالقلب يحيا بنور الوحي كما تحيا الأرض بالماء، وحياة القلب ونوره أمران وجوديان حقيقيان.
وكذلك كل ما نسب إلى القلب من أضداد الحياة والنور: كموت القلب وعماه، والختم والطبع والأقفال ... ونحوها فهي على حقيقتها، "ولا تصغ إلى قول من يقول: إن هذه مجازات واستعارات"١.
وليس المراد إذا قيل أن النور في القلب نور حقيقي أنه كالأنوار المحسوسة، ولا أن العمى الذي يصيب القلب كالعمى الذي يصيب العين، ولا أن حياة القلب وموته كحياة البدن وموته.
١ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن قيم الجوزية، ص (١٩٥) .