للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الأولى: أن اللَّه عامل اليهود والنصارى في الآخرة بجنس ما كانوا عليه في الدنيا، وذلك أنهم قد تعلقوا بالأوهام والباطل وعبدوا غير اللَّه، فعملهم في الدنيا كالسراب الذي لا حقيقة له.

وأظهر اللَّه لهم جزاءهم الذي يستحقونه على شركهم مثل السراب، حيث تمثلت لهم النار كالسراب فظنوه ماءً فجروا نحوها ووقعوا فيها. وهذا يدل على أن حال الكفار وسعيهم وعملهم في الدنيا يشبه السراب، وحالهم في الآخرة وجزاءهم هو النار التي تشبه لهم بالسراب، والجزاء من جنس العمل.

الفائدة الثانية: أن اليهود والنصارى ممن ينتسب إلى الأديان السماوية، ويدَّعِي الإِيمان باللَّه، ويتقرب إليه، لكن بدون إخلاص واتباع لما نزل من عنده من العلم، وكذبوا بالرسول صلى الله عليه وسلم فكفروا بذلك.

وهذا يؤيد أن المراد بالمثل هم الذين كفروا باللَّه - ممن ينتسب إلى الأديان السماوية - بسبب إعراضهم عن العلم بالوحي واتباعهم للشبهات الباطلة، والظنون السيئة، كما قال سبحانه عنهم:

{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الهُدَى} ١.

وقد استدل بعض المفسرين٢ بهذا الحديث وأشباهه في سياق تفسير


١ سورة النجم الآية رقم (٢٣) .
٢ منهم ابن كثير في تفسير القرآن العظيم، (٣/٢٩٦) ، والشوكاني في فتح القدير، (٤/٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>