" {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} لم يقرب من رؤيتها، فإِذا لم يقارب رؤيتها فهو من أن يراها أبعد، فهذا جاء على أصل الكلمة، وإن كانت اللغة قد جاء فيها (لم أكد أفعل) معناه: فعلته بعد جهد أو تقاعد عنه، وعلى هذا قوله تعالى:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} فهذا المعنى الذي دخل الكلمة لم يزل عنها الأصل الذي لها".١
وعلى هذا يكون الأصل في نحو قولنا:"لم يكد يفعل" نفي مقاربة الفعل، ونفي الفعل من باب أولى. لكن قد يأتي في السياق ما يدل على المعنى الآخر، وهو: وقوع الفعل بعد جهد أو ممانعة. وهذا المعنى فيه معنى نفي المقاربة، فلم يزل به أصل الوضع تماماً - وهو نفي المقاربة - وإن كان المعنى قد اختلف.
ففي قوله تعالى:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} رجح معنى: وقوع الفعل مع مقاربة عدم الفعل، قوله في السياق {فَذَبَحُوهَا} وليس مجرد قوله: {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} .
وفي قوله:{لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} ، جاءت على الأصل: نفي مقاربة الرؤية،
١ الفريد في إعراب القرآن الكريم، للهمذاني، (٣/٦٠٦) .