للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوْقَ بَعْضٍ} في مقابلة قوله: {نّورٌ عَلَىَ نُورٍ} في مثل النور. وأشرت - قريباً - إلى أن النورين هما: نور الإِيمان، ونور العلم المستفاد من الوحي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم.

والقياس والاعتبار يقتضي مقابلة الشيء بضده، فيكون من الظلمات التي بعضها فوق بعض ما يقابل هذين النورين، وهما ظلمة الكفر، وظلمة الجهل والإعراض عما جاء من عند اللَّه من العلم والهدى.

ومما يقوي هذا أن ابن جرير - رحمه اللَّه - نص على أن الكفر إنما سُمّي ظلمة لأنه يحجب القلب عن إدراك حقائق الإِيمان، حيث قال:

"وإنما جعل الظلمات للكفر مثلاً لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك حقائق الإِيمان، والعلم بصحته، وصحة أسبابه.

فأخبر تعالى ذكره أنه ولي المؤمنين ومبصرهم حقيقة الإِيمان، وسبله وشرائعه وحججه وهاديهم فموفقهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك بكشفه عنهم دواعي الكفر وظُلَم سواتر أبصار القلوب"١.

ويستخلص من هذا النقل - مما يتعلق بهذا المبحث - ثلاث فوائد هامة:

الأولى: أنه نص على أن الظلمات جعلت مثلاً للكفر.

الثانية: نصه على أن الكفر حجاب، يحجب رؤية القلب.


١ جامع البيان لابن جرير، (٣/١٤، ١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>