عليه من خلقهم أول مرة، وهو أولى بذلك لكونه أقدر وأعلم، ولكونه أولى بالكمال {وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى} .
وهذا القْدر كافٍ في إلزامهم بإثبات إمكان البعث، وإن كان يتضمن فهما خاطئا في حق الله تعالى، وهو ما يقتضيه الدليل من حكمهم أنّ بدْءَ الخلق أصعب عليه من إعادته، ولكن المقصود هو إلزامهم بإمكان البعث على أصولهم.
ثم إذا عقلوا الدليل واهتدوا به وأقروا بالبعث، وآمنوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فسينقلون من هذا الفهم القاصر إلى ما يليق بالله من الوصف الأكمل وأن له من القدرة ما لا يعجزه معها شيء، وتستوي في قدرته العظائم والمحقرات، والكثرة والقلة، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى:{وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى} .
فهو سبحانه ليس كالمخلوق الَّذِي يعالج الأشياء فيسهل عليه بعضها، ويصعب عليه بعضها، وإنما توجد جميع المخلوقات مهما كانت عظمتها بمجرد أن يأمرها بقوله "كن" كما دل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالبَصَرِ} ١.