ولا تعتدُوا بالحربِ منْ لم يكُنْ لكُمْ ... مِنَ النَّاس بالعُدوانِ والظُّلمِ بادِيا
ومهما زرعتُم يا بنيَّ فإنَّه ... سيُحصَدُ نزراً كانَ أو كانَ زاكيا
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن ولد الحارث بن كعب لم يزل يحفظ وصيته ويعمل بها في الجاهلية والإسلام.
ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبني الحارث يوم وفدوا إليه للإسلام والدخول في الملَّة: يا بني الحارث، بم كنتم تغلبون الناس يا أكثر العرب عدداً ولا عدداً؟ قالوا له: يا رسول الله، نحن قوم لا نبدأ أحداً بمظلمة، فإذا أراد قوم ظلامتنا أو حربنا قلدناهم البغي، وصبرنا على حربهم حتى يحكم الله بما هو حاكم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: بتلك كنتم تغلبون الناس وتقهرونهم.
وهم الذين يقول فيهم الزبير بن عبد المطلب حيث يقول:
ولقد صحِبتُ النَّاس ثُمَّ خبرتُهُمْ ... فوجدّتُ أكرمهُمْ بنيْ الذبيان
قومٌ إذا نزلَ الغرِيبُ بدارهِمْ ... تركُوهُ أهلَ صواهِلٍ وقيانِ
لا ينكُثُونَ الأرضَ عِندَ سُؤالِهِمْ ... لِتلمُّسِ العِلاَّتِ بالعيدانِ
بل يبسُطُونَ وُجوُههُم فَتَرى لها ... عِندَ السُّؤالِ كأحسنِ الألوانِ
وإذا دعوتَهُمُ ليومِ كريهةٍ ... سدُّوا شُعاعَ الشَّمسِ بالنِّيرانِ
تم كتاب الوصايا. والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطيبين صلى الله عليه وعليهم أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وافق كاتبه الفراغ عنه يوم الخميس بقيت من شهر جمادى الأولى من شهور سنة وأربعين وخمسمئة. وفقه الله لما يرضيه، وجنَّبه معاصيه، وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين. ولمن قال آمين برحمته. والحمد لله حق حمده.