[بسم الله الرحمن الرحيم]
الحمد لله حق حمده. وصلواته على محمد النبي وآله وسلم.
حدثنا علي بن محمد بن الدعبل بن علي بجميع هذا الحديث المذكور في هذا الكتاب، عن جده الدعبل بن علي الخزاعي، أنه قال: رويت علم الأوائل وأنساب العرب عن جماعة ممن أدركت من أهل العلم والمعرفة بذلك، وحفظت عنهم وصايا الملوك وأبناء الملوك من ولد قحطان بن هود النبي صلى الله عليه وسلم بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح النبي صلى الله عليه وسلم ابن لمك بن المتوشلح بن أخنوخ، وهو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم بن يرد بن مملايل بن قينان بن أنوش بن شيث النبي صلى الله عليه وسلم ابن آدم الماء والطين صلى الله عليه وسلم.
قال علي بن محمد، قال الدعبل بن علي: فتوافق جميع من أدركت من أهل العلم والمعرفة على أن أول من بعثه الله تعالى من بعد نوح صلى الله عليه وسلم واصطفاه وانتخبه وأمنه على وحيه ورسالته هود النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أب العرب العاربة، وهو الذي يقول فيه علقمة ذو جدن:
أبونَا نبيُّ الله هودُ بن شالخٍ ... فنحنُ بنو هودِ النبيِ المُطهَّرِ
لنا المُلكُ في شرقِ البلادِ وغربِها ... ومفخرُنَا يسمو على كلِّ مفخرِ
فمنْ مثلُ كهلانِ القواضبِ والقنا ... ومن مثلُ أملاكِ البريةِ حميرِ
[وصية هود النبي عليه السلام]
وحدثنا علي بن محمد، وأسند الحديث عن جده الدعبل بن علي الخزاعي مجال الاختصار، وذكر الدعبل بن علي أن هود النبي صلى الله عليه وسلم قد وصى بنيه، فقال لهم: يا بني أوصيكم بتقوى الله وطاعته والإقرار بالوحدانية له، وأحذركم الدنيا، فإنها غرارة خداعة غير باقية عليكم ولا أنتم باقون عليها، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون، ولا يفتننكم الشيطان، إنه لكم عدو مبين.
قال: ثم أقبل على قومه عاد، يوصيهم بما وصى به بنيه، ويعظهم بما حكى الله عز وجل عنه، فقال: " وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله " إلى قوله: " ولا تتولوا مجرمين ". قال: فكان من ردهم عليه " يا هود ما جئتنا ببينه وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين ". " وقالوا من أشدّ منّا قوة " إلى قوله: " ولعذاب الآخرة أخرى وهم لا ينصرون ".
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن قحطان بن هود النبي صلى الله عليه وسلم أنشد شعراً يسلّي به بعض ما كان فيه هود النبي صلى الله عليه وسلم من الكآبة والجزع والقلق والارتماض والحرب على قومه عاد فقال: " البسيط "
إني رأيتُ أبي هوداً يؤرقهُ ... همٌّ دخيلٌ وبلبالّ وتسهادُ
لا يحزننَّك أن خُصَّت بداهيةٍ ... عادُ بن لاوى، فعادٌ بئسَ ما عادُ
عادٌ عصَوا ربَّهم واستكبروا وعتَوا ... عمَّا نُهُوا عنهُ لا سادوا ولا قادوا
بُعداً لعادٍ فما أوهى حُلُومَهُمُ ... في كلِ ما ابتدعوا أو كلِّ ما اعتادوا
قاموا يُعيدون عنهم من سَفَاهتهمْ ... ركابها، أُهلِكوا أيام ما حادوا
ألا يظُنُّون أنَّ اللهَ غالبُهُمْ ... وأنَّ كُلاً لأمرِ اللهِ ينقادُ
يا ليتَ شعريْ وليتَ الطَّيرَ تُخبرني ... أسالمٌ ليَ لقمانٌ وشدَّادُ!
ويقال: إن لقماناً كان على دين النبي هود. وهو صاحب النسور السبعة. وخبره وخبر شداد يطول الشرح فيه.
[وصية قحطان بن هود]
وحدثنا علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن قحطان بن هود النبي صلى الله عليه وسلم وصى بنيه، فقال لهم: يا بني إنكم لم تجهلوا ما نزل بعاد دون غيرهم حين عتوا على ربهم وأعدوا آلهة يعبدونها من دونه وعصوا أمر ربهم، وأمر نبيهم هود وهو أبوكم الذي علمكم الهدى وعرفكم سواء السبيل. وما بكم من نعمة فمن الله عز وجل. وأوصيكم بذي الرحم خيراً. وإياكم والحسد فإنه داعية القطيعة فيما بينكم. وأخوكم يعرب أميني عليكم وخليفتي بينكم، فاسمعوا له، وأطيعوا، واحفظوا وصيتي، واثبتوا عليها، واعملوا بها ترشدوا.
ثم أنشأ يقول:
أبا يشجُبٍ أنتَ المرجى وأنتَ لي ... أمينٌ على سِرِّيْ وجهريَ حافظُ
عليكَ بدينٍ ليسَ ينكرُ فضلُهُ ... فقد سبقتْ فيهِ إليكَ المواعظُ
وواصلْ ذوي القُربى وحطهُمْ فإنَّهم ... ملاذُكَ إن حامتْ عليكَ البواهظُ