٢١٢- ويظهر الغرض منه بمسألة ألقاها أبو هاشم حارت فيها عقول الفقهاء وأنا أذكرها وأوضح ما فيها.
وهي: أن من توسط جمعا من الجرحى وجثم على صدر واحد منهم وعلم أنه لو بقي على ما هو عليه لهلك من تحته ولو انتقل عنه لم يجد موقع قدم إلا بدن آخر وفي انتقاله إهلاك المتنقل إليه فكيف حكم الله تعالى وما الوجه؟
وهذه مسألة لم أتحصل من قول الفقهاء فيها على ثبت والوجه المقطوع به سقوط التكليف عن صاحب الواقعة مع استمرار حكم سخط الله تعالى وغضبه عليه أما وجه سقوط التكليف فلأنه يستحيل تكليفه ما لا يطيقه ووجه استمرار حكم العصيان عليه تسببه إلى ما لا مخلص له منه.
ولو فرض إلقاء رجل رجلا على صدر واحد كما سبق الفرض والتصوير بحيث لا ينسب الواقع إلى اختيار ذلك فلا تكليف عليه ولا عصيان.
ومما أخرجه على ذلك: أن من خالط أهله في نحر السحر قاصدا إيقاع ذلك الوقاع بحيث إذا طلع الفجر اقترن بمطلعه الانكفاف والنزع وهذا القصد عسر التصور مع غموض مدرك أوائل الفجر فإن تصور ثم نزع المواقع مع أول الفجر فالذي أراه أنه يفسد صومه من جهة أنه تسبب إلى وضع المخالطة في مقارنة الفجر وإن كان منكفا وإن خالط أهله ظانا أنه في مهل من بقية الليل ثم طلع الفجر فابتدر النزع فلا يفسد والحالة هذه صومه فهذا منتهى الغرض من المسألة والفقهاء لا يفصلون هذا التفصيل ويحكمون بأن النازع لا يفطر وإن قصد وتعمد كما فرضناه من جهة أنه نازع مع أول الفجر تاركا للعمل وهذا ليس بالمرضى.
مسألة:
٢١٣- السجود بين يدي الصنم مع قصد التقرب به إليه محرم منهي عنه على مذهب علماء الشريعة. ونقل عن أبي هاشم أنه لا يرى تحريم السجود ويقول إنما المحرم القصد وهذا لم أطلع عليه من مصنفات الرجل مع طول بحثي عنها فالذي ذكره من نقل مذهبه أن السجود لا يختلف صفته وإنما المحظور المحرم القصد وهذا يوجب أن لا يقع السجود طاعة من جهة تصور وقوعه مقصودا على وجه التقرب إلى الصنم ومساق ذلك يخرج الأفعال الظاهرة قاطبة عن كونها قربا وهذا خروج عن دين الأمة ثم لا يمتنع أن يكون الفعل مأمورا به مع قصد منهيا عنه مع نقيضه.