للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: يحوي بقايا من أحكام الأفعال.

حكم الأفعال التي تظهر فيها خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم.

- ٤٠٣قد تبين أن معتصمنا ما ظهر لنا من دأب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في اعتقاد القربة فيما يجري عن المصطفى في سياق القربة وفي اعتقاد نفي الحرج فيما لا يظهر فيه قصد القربة منه ولم نتحقق على حاصل في فن من أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما يتعلق بقبيل يظهر في خصائصه فليس عندنا نقل لفظي ولا معنوي في أنهم رضي الله عنهم كانوا يقتدون به في هذا النوع ولم يتحقق عندنا نقيض ذلك فهذا محل الوقف.

- ٤٠٤فلينظر الناظر كيف لقطنا من كل مسلك خياره وقررنا كل شيء على واجبه في محله وهذه غاية ينبغي أن ينتبه من يبغي البحث عن المذاهب لها فإنه يبعد أن يصير أقوام كثيرون إلى مذهب لا منشأ له من شيء ومعظم الزلل يأتي أصحاب المذاهب من سبقهم إلى معنى صحيح لكنهم لا يسبرونه حق سبره ليتبينوا بالاستقراء أن موجبه عام شامل أو مفصل ومن نظر عن نحيزة سليمة عن منشأ المذاهب فقد يفضى به نظرة إلى تخير [طرف] من كل مذهب كدأبنا في المسائل.

حكم فعلى الرسول صلى الله عليه وسلم المختلفين المؤرخين.

- ٤٠٥ ومما نذكره في أحكام الأفعال بعد ثبوت التأسي به على التفصيل المقدم أنه إذا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلان مؤرخان مختلفان فقد صار كثير من العلماء إلى أن التمسك بآخرهما واعتقاد كونه ناسخا للأول وتنزيلهما منزلة القولين المنقولين المؤرخين فإن آخرهما ناسخ لأولهما إذا كانا نصين وللشافعي صغو إلى ذلك وهو مسلكه الظاهر في كيفية صلاة الخوف بذات الرقاع فإنه صحت فيها رواية ابن عمر١ وصالح٢ بن خوات فرأى الشافعي رواية ابن خوات متأخرة ورأى رواية ابن عمر في غير تلك الغزوة فقدرها في غزاة سابقة عليها وربما سلك مسلكا آخر فسلم اجتماع الروايتين في غزاة واحدة ورآهما متعارضتين ثم تمسك من طريق القياس.


١ ابن عمر هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي, أسلم بمكة مع إسلام أبيه, وهاجر وهو ابن عشر. وقد شهد الخندق وما بعدها, ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاح. مات سنة "٧٣". له ترجمة في: أسد الغابة ٣/٣٤٠, والإصابة ١/٣٣٨, والنجوم الزاهرة ١/١٩٢.
٢ له ترجمة في: تهذيب التهذيب٤/٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>