٩٠١- هذا الذي ذكره هؤلاء أصول الشريعة ونحن نقسمها خمسة أقسام.
أحدها: ما يعقل معناه وهو أصل ويئول المعنى المعقول منه إلى أمر ضروري لا بد منه مع تقرير غاية الإيالة الكلية والسياسية العامية وهذا بمنزلة قضاء الشرع بوجوب القصاص في أوانه فهو معلل بتحقق العصمة في الدماء المحقونة والزجر عن التهجم عليها فإذا وضح للناظر المستنبط ذلك في أصل القصاص تصرف فيه وعداه إلى حيث يتحقق أصل هذا المعنى [فيه] وهو الذي يسهل تعليل أصله ويلتحق به تصحيح البيع فإن الناس لو لم يتبادلوا ما بأيديهم لجر ذلك ضرورة ظاهرة فمستند البيع إذا آيل إلى الضرورة الراجعة إلى النوع والجملة ثم قد تمهد في الشريعة أن الأصول إذا ثبتت قواعدها فلا نظر إلى [طلب] تحقيق معناها في آحاد النوع وهذا ضرب من الضروب الخمسة.
٩٠٢- والضرب الثاني: ما يتعلق بالحاجة العامة ولا ينتهي إلى حد الضرورة وهذا مثل تصحيح الإجارة فإنها مبنية على مسيس الحاجة إلى المساكن مع القصور عن تملكها وضنة ملاكها بها على سبيل العارية فهذه حاجة ظاهرة غير بالغة مبلغ [الضرورة المفروضة في البيع وغيره ولكن حاجة الجنس قد تبلغ مبلغ] ضرورة الشخص الواحد من حيث إن الكافة لو منعوا عما تظهر الحاجة فيه للجنس لنال آحاد الجنس ضرار لا محالة تبلغ مبلغ الضرورة في حق الواحد وقد يزيد أثر ذلك في الضرر الراجع إلى الجنس ما ينال الاحاد بالنسبة إلى الجنس وهذا يتعلق بأحكام الإيالة والذي ذكرناه مقدار غرضنا الآن.
٩٠٣- والضرب الثالث: ما لا يتعلق بضرورة [حاقة] ولا [حاجة] عامة ولكنه يلوح فيه غرض في جلب مكرمة أو في نفي نقيض لها ويجوز أن يلتحق بهذا الجنس طهارة الحدث وأزالة الخبث وإن أحببنا عبرنا عن هذا الضرب وقلنا: ما لاح ووضح الندب إليه تصريحا كالتنظيف فإذا ربط الرابط أصلا كليا به تلويحا كان ذلك في الدرجة الأخيرة والمرتبة الثانية البعيدة في المقايس وجرى وضع التلويح فيه مع الامتناع.