٢١٧- قد اشتمل ما جرى من الأوامر والنواهي على ذكر الوجوب والحظر والندب والكراهية والإباحة ونحن نذكر الآن حقيقة كل حكم من هذه الأحكام في مقتضى الشرع.
فأما الواجب فقد قال قائلون: الواجب الشرعي هو الذي يستحق المكلف العقاب على تركه وهذا بعيد عن مذهب أهل الحق في الثواب والعقاب فإنا لا نرى على الله تعالى استحقاقا والرب تعالى يعذب من يشاء وينعم من يشاء وإن صدر هذا الرسم من المعتزلة فهو يلائم أصلهم ولكنه منقوض عليهم بالصغائر مع اجتناب الكبائر فإن من معتقدهم إنها تقع من فاعلها مكفرة وإن كانت محرمة ويفرض من قبيل المأمورات ما هو كالصغائر من فن المحظورات ثم لا يستحق تارك تلك المأمورات عقابا مع المحافظة على جلة المأمورات وإن كانت واجبا فقد ظهر بطلان هذا الحد.
وقال قائلون: الواجب ما توعد الله تعالى على تركه بالعقاب وهذا القائل ظن أنه لما ترك لفظ الاستحقاق فقد أتى بالحد المرضى وليس الأمر كذلك فكم من تارك واجبا لا يعاقبه الله ولو كان معينا بالوعيد لحل به العقاب إذ لو لم يكن كذلك لكان [عين ذلك] الوعيد خلفا تعالى الله سبحانه [عن ذلك] .