١٣٤٧- إذا تعارضت علتان إحداهما منعكسة والآخرى غير منعكسة فالذي ذهب إليه معظم الأصوليين أن الانعكاس من المرجحات المعتمدة.
وهذا يتجه جدا على قولنا إن الانعكاس مع الاطراد دليل صحة العلة وقد قدمنا في حقيقة العكس قولا بالغا مغنيا عن الإعادة.
ونحن نذكر من اسراره مأخذا يستدعيه ويقتضيه أمر الترجيح فنقول:
١٣٤٨- القياس الشبهى إذا اطرد وانعكس كان الانعكاس مخيلة معتمدة جدا فإن أقوى متعلقات الأشباه الأمثلة كما قدمنا ذكرها والاطراد والانعكاس فن الأمثلة المغلبة على الظن فإذا فرضنا تعارض شبهين انعكس أحدهما دون الثاني كان ذلك ترجيحا مقتضيا مزيد تغليب الظن لا يجحده في هذا المقام إلا غبي بمآخذ الأقيسة ومراتبها.
١٣٤٩- وإن فرض الانعكاس في أقيسة المعاني فلا بد من ذكر تقسيم في ذلك منبه على سر العكس أولا ثم يعود الكلام إلى غرضنا من الترجيح فنقول: رب معنى مخيل مناسب لا يشعر انتفاؤه لانتفاء الحكم في وضعه وربما يشعر انتفاؤه بانتفاء الحكم الذي اقتضاه الطرد.
وبيان ذلك بالمثال: أنا قلنا في تحريم النبيذ: مشتد مسكر فهذا يناسب التحريم من جهة إفضاء السكر إلى الاستجراء على محارم الله تعالى والاستهانة بأوامره وعدم الشدة لا يشعر بالتحليل.
١٣٥٠- وإذا قلنا: مستقل بالتصرف فلا يولى عليه كان الاستقلال مشعرا بنفي الولاية وعدم الاستقلال مشعر بإثبات الولاية فإذا تمثل النوعان في قياس المعنى بنينا عليه غرضنا وقلنا: إن لم يكن المعنى بحيث يخيل عدمه عدم حكم الطرد وفرض مع ذلك انعكاسه فقد تجمعت فيه الإخالة والشبه فإذا عارضه معنى غير منعكس ولم يكن في وضعه بحيث يشعر عدمه بعدم الحكم فالمنعكس مقدم عليه بطريق الترجيح إذا اجتمع فيه إخالة فقهية وقوة شبهية.