فأما اقيسة المعاني فمستندها قاعدة معنوية معلومة ولا ترجيح في معلوم فإذا انحط المعنى عن العلوم فقد تقدم ترتيب مسالك الظنون والأرجح: فالأرجح أقربها إلى المعنى المعلوم وقد مضى ترتيبها في القرب والبعد.
١٣٤١- ومما يتعلق بالترجيح في المعاني النظر فيما يثبتها وقد تقدم القول مثبتات المعاني ورجع الحاصل إلى مسلكين:
أحدهما: إيماء الشارع.
والثاني: الإخالة [مع السلامة.
وما يثبته الشرع مقدم على الإخالة] التي لا دلالة في لفظ الشارع عليها والسبب فيه أن ما أشار الشارع إلى التعليل به أمن المستنبط من الوقوع في متسع المصالح التي لا يحصرها ضبط الشريعة وهذا أمر عظيم في الاجتهاد وهو محذور الحذاق من أهل النظر ثم الإخالة على الرتب المقدمة.
١٣٤٢- ومن الأسرار في ذلك: أن الاستدلال يصح القول به وإن لم يستند إلى أصل حكمه متفق عليه على الرأي الظاهر فلو عارض استدلال لا اصل له معنى مستندا إلى أصل فالمستند إلى الأصل مرجح على الاستدلال والسبب فيه انحصاره في حكم ثابت شرعا متفق عليه والمستدل على خطر الخروج عن الضبط.
١٣٤٣- فهذه قواعد الترجيح في أقيسة المعاني.
ثم أدناها مرجح على أعلى الأشباه المظنونة كما سبق في ذلك قول بالغ.
١٣٤٤- فإذا تعارض شبه خاص ومعنى عام كلي فقد قدمنا وجه الرأي فيه فلا نعيده.
١٣٤٥- والاستدلال إذا عارضه شبه [ومن] ضرورة الشبه استناده إلى أصل فالذي ذهب إليه المحققون تقديم الشبه لمكان استناده إلى أصل.
وقدم الأستاذ أبو إسحاق رحمه الله تعالى الاستدلال على الشبه والقول في ذلك يتعلق بالظن عندنا فليعمل كل مجتهد على حسب ما يؤدي إليه إجتهاده.
١٣٤٦- فهذه مجامع الأقوال في ترجيح الأقيسة لا يشذ عنها إلا أفراد مسائل اضطراب فيها الجدليون ونحن نرسمها مسألة مسألة وفي استيفائها استكمال القول في الترجيح.