١٤٣١- وهذه الترجمة فيها خلل من جهة أن كل نسخ واقع فهو متعلق بما كان يقدر وقوعه في المستقبل فإن النسخ لا ينعطف على مقدم سابق.
والغرض من هذه المسألة أنه إذا فرض ورود أمر بشيء فهل يجوز أن ينسخ قبل أن يمضي من وقت اتصال الأمر به زمن يتسع لفعل المأمور به؟
١٤٣٢- فالذي ذهب إليه أهل الحق جواز ذلك وأطبقت المعتزلة على منعه وساعدهم على ذلك طوائف من الفقهاء.
١٤٣٣- والدليل على تجويزه كالدليل على تجويز أصل النسخ فالوجه رد الكلام إلى التقاسيم السابقة في مسالك العقول التي يتلقى منها الجواز والاستحالة.
١٤٣٤- فإذا قالوا: النسخ يرجع إلى بيان مدة التكليف وليس رافعا لما ثبت في حكم الله تعالى [ولو جوزنا النسخ في صورة الخلاف لكان ذلك رافعا للحكم لا محالة.
قلنا: ما ذكرناه من اختيارنا يجيب عن هذا فإنا نقول النسخ راجع إلى إظهار انتفاء لشرط بقاء الحكم فإن الحكم الموجه مشروط بألا ينسخ فإذا ثبت النسخ قبل انقضاء زمان يسع الفعل بان أنه لا حكم أصلا.
وهو من طريق التمثيل كزوال إمكان المكلف قبل استتمام الفعل.
١٤٣٥- وإذا رد المعتزلة الكلام إلى استصلاح العباد لم يخف خلافنا لهم في أصل ذلك ثم لا يبعد في مجاري أحكام الغيب أن يكون الاستصلاح في أن يخاطبوا ويقبلوا ثم يرفع عنهم التكليف حتى يؤجروا على صدق نياتهم ويوفوا مالا يستقلون به في علم الله تعالى.
١٤٣٦- ثم استدل أصحابنا في تجويز النسخ قبل الفعل بما جرى في قصة الخليل عليه السلام وابنه الذبيح الحق أو إسماعيل عليهم السلام.
ووجه التمسك أن الأمر بالذبح نسخ قبل وقوعه.
١٤٣٧- فإن زعم المخالف أن المأمور به كان شدا وربطا وتلا للجبين كان ذلك باطلا من وجهين: