الكلام في هذا الفصل يتعلق بثلاثة فنون أحدها في ماهية البيان والاختلاف فيه والثاني في مراتب البيان والثالث في تأخير البيان عن مورد اللفظ إلى وقت الحاجة.
مسألة:
اختلفت عبارات الخائضين في هذا الفن في معنى البيان.
٧٠- فذهب بعض من ينسب إلى الأصوليين إلى أن البيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والوضوح وهذه العبارة وإن كانت محمومة على المقصود فليست مرضية فإنها مشتملة على ألفاظ مستعارة كالحيز والتجلي وذوو البصائر لا يودعون مقاصد الحدود إلا في عبارات هي قوالب لها تبلغ الغرض من غير قصور ولا ازدياد يفهمها المبتدئون ويحسنها المنتهون.
وقال قائلون البيان هو العلم وهو غير مرضى فإن الإنسان ينهي الكلام إلى حد البيان ويحسن منه أن يقول ثم البيان وإن لم يفهم المخاطب وقد يقول بينت فلم يتبين.
٧١- والقول المرضى في البيان ما ذكره القاضي أبو بكر حيث قال البيان هو الدليل ثم الدليل ينقسم إلى العقلي والسمعي كما نفصل القول فيه والله سبحانه وتعالى: مبين الأمور المعقولة بنصب الأدلة العقلية عليها والمسمع المخاطب مبين للمخاطب ما يبغيه إذا استقل كلامه بالإبانة والإشعار بالغرض فهذا منتهى المقصود في هذا الفن.
مسألة في مراتب البيان:
فأما الكلام في مراتب البيان فلا نجد بدا من نقل المقالات فيه ليكون الناظر.