عن التصريح وضع حمل المكلفين على مضمونه مع الاعتضاد بالدواعي الجبلية كما سبق تقرير هذا في المسالك السابقة والصور الممثلة.
٩٠٤- والضرب الرابع: ما لا يستند إلى حاجة وضرورة وتحصيل المقصود فيه مندوب إليه تصريحا ابتداء وفي المسلك الثالث في تحصيله خروج عن قياس كلي وبهذه المرتبة يتميز هذا الضرب من الضرب الثالث.
وبيان ذلك بالمثال: أن الغرض من الكتابة تحصيل العتق وهو مندوب إليه والكتابة المنتهضة سببا في تحصيل العتق تتضمن أمورا خارجة عن الأقيسة الكلية كمعاملة السيد عبده [و] كمقابلته ملكه بملكه والطهارات قصاراها إثبات السبب وجوبا إلى إيجاب ما لا تصريح بإيجابه وليس فيها اعتراض على أصل آخر سوى ما ذكرناه من التصريح والتلويح وقد مثلناها بوضع الشرع النكاح على تحصين الزوجين.
٩٠٥- والضرب الخامس من الأصول: ما لا يلوح فيه للمستنبط معنى أصلا ولا مقتضى من ضرورة أو حاجة أو استحثاث على مكرمة وهذا يندر تصويره جدا فإنه إن امتنع استنباط معنى جزئي فلا يمتنع تخيله كليا ومثال هذا القسم العبادات البدنية المحضة فإنه لا يتعلق بها أغراض دفعية ولا نفعية ولكن لا يبعد أن يقال تواصل الوظائف يديم مرون العباد على حكم الانقياد [وتجديد العهد بذكر] الله تعالى ينهى عن الفحشاء والمنكر وهذا يقع على الجملة ثم إذا انتهى الكلام في هذا القسم إلى تقديرات كأعداد الركعات وما في معناها لم يطمع القايس في استنباط معنى يقتضي التقدير فيما لا ينقاس أصله فهذا بيان ضروب الأصول على الجملة.
٩٠٦- ونحن الآن تعطف عليها ونذكر في كل أصل ما يليق بمذهب القياسين إن شاء الله تعالى.
فأما الضرب الأول: فهو ما يستند إلى الضرورة فنظر القايس فيه ينقسم إلى اعتبار أجزاء الأصل بعضها ببعض وإلى اعتبار غير ذلك الأصل بذلك الأصل إذا اتسق له الجامع فأما اعتبار الجزء بالجزء مع استجماع القياس لشرائط الصحة فهو يقع في الطبقة العليا من أقيسة المعاني.
ومن خصائص هذا الضرب أن القياس الجزئي فيه وإن كان جليا إذا صادم القاعدة الكلية ترك القياس الجلي للقاعدة الكلية.