وهذه عثرة ظاهرة فإن حاصل ما ذكره يئول إلى أن المكروه ما خيف حظره وهذا بعينه هو الذي ذكرناه قبل هذا ورددنا عليه.
٢٢١- والحق المقطوع به عندي: أن نهى الكراهية في معنى أمر الندب فهو بالإضافة إلى الحظر كالندب بالإضافة إلى الإيجاب ولا يجوز أن يتخيل مرتبة القطع بانتفاء الحظر لاقتضاء الانكفاف إلا هذا والمستريب [في] هذا مضرب عن مدرك الحق.
٢٢٢- فأما ما ذكرته في صدر المسألة وقدرته منشأ اضطراب المذاهب فسبيل الكشف عنه أنه لم يرد نهى مقصود عن ترك النوافل المستغرقة لأوقات الإمكان ولكن الانكفاف عن التروك في حكم الذريعة إلى الإقدام على النوافل وقد ذكرت في سر ما اخترته أن الأمر بالشيء لا يقتضي نهيا عن الضد مقصودا للآمر فنهى الكراهية إذا ما يرد مقصودا.
ثم المنهيات على حكم الكراهية على درجات كما أن المندوبات على رتب متفاوتات فليتأمل الناظر هذا التنبيه ولينظر كيف اختبطت المذاهب على العلماء لذهولهم عن قاعدة القصد وهي سر الأوامر والنواهي.
ثم الكراهية في أصل اللسان ضد الإرادة وليس المراد بها ذلك في هذا الفن بل هي لفظة مصطلح عليها عند الأصوليين فالمراد بها المنهى عنه قولا مرادا كان للرب تعالى أو مكروها.
٢٢٣- فأما المحظور فهو ما زجر الشارع عنه ولام على الإقدام عليه والمكروه ما زجر عنه ولم يلم على الإقدام عليه.
٢٢٤- وأما المباح فهو ما خير الشارع فيه بين الفعل والترك من غير اقتضاء ولا زجر.