فأما قولهم: النكرة في الإثبات تخص فغير مطرد فإن النكرة الواقعة في سياق الشرط محمولة على العموم في قول القائل من يأتني بمال أجازه فلا يختص هذا بمال مخصوص والسبب فيه أن النكرة إنما عمت في النفي لأنها في نفسها ليست مختصة [بمعين] في قول القائل ما رأيت رجلا والنفي لا اختصاص له فإنه نقيض الإثبات فإذا انضم النفي إلى التنكير اقتضى اجتماعهما العموم والشرط لا اختصاص له بل مقتضاه العموم فالنكرة الواقعة في مساقه محمول عليه وحكم عموم الشرط [منبسط] عليه إذ لو اختص المال لاختص الشرط المتعلق به والاختصاص نقيض وضع الشرط المطلق فهذا على قولهم النكرة في الإثبات تخص.
فأما قولهم: النكرة في النفي تعم ففيه تفصيل لطيف.
فأقول: إذا قال القائل ما رأيت رجلا فهذا ظاهر في نفي الرؤية عن جنس الرجال والتأويل يتطرق إليه قال سيبويه: يجوز أن يقول القائل: ما رأيت رجلا وإنما رأيت رجالا وإذا كان ينتظم الكلام على هذا الوجه فليس التنكير مع النفي نصا في اقتضاء العموم غير قابل للتأويل ووجه تطرق الاحتمال إليه الذي نبهنا عليه فإذا قال القائل ما جاءني من رجل لم يتجه فيه غير التعميم فإن "من" وإن جرت زائدة فهي مؤكدة للتعميم قاطعة للاحتمال الذي نبهت عليه والنكرة إذا جرت في مساق شرط لم يتطرق إليها التأويل المذكور في النفي ولم يسغ حملها من غير قرينة مخصصة على الخصوص.
مسألة:
٢٤٤- اللفظ الموضوع للإشعار بالجنس الذي واحده بزيادة هاء كالتمر والتمرة والشجر والشجرة وبابهما مما تردد فيه أصحاب العموم وهذه المسألة نجمع إليها أخرى [ونفصل بينهما] .
فإذا قال القائل: الرجل أفضل من المرأة فهذا مما ترددوا فيه أيضا فقال قائلون من المعممين: هو [للاستغراق والاستيعاب للجنس] وأنكر اخرون مقتضى الاستغراق فيه.