٢٦٠- إذا ورد في لفظ الشارع صلى الله عليه وسلم صيغة جمع السلامة كالمسلمين والمؤمنين مما وضع مرتبا على بنية مؤمن في الذكور [عند الإطلاق] ففي تناول هذه الصيغة عند الإطلاق للنساء خلاف.
فذهب ذاهبون إلى أنه يتناول النساء واستدلوا عليه بأن العرب إذا حاولت التعبير عن الذكور والإناث بصيغ جمع السلامة فمن مذهبها المطرد تغليب التذكير وهذا مشهور عنهم مسطور في كتب أئمة العربية.
والرأي الحق عندنا خلاف ذلك والذي تخيله هؤلاء وهم وزلل ولا يخفى على من شدا طرفا من العربية أن قول القائل: مسلمان مبني على قول القائل [في الواحد مسلم وقول القائل مسلمات مبنى على قوله] في الوحدان مسلمة وقول القائل مسلمون مبني على مسلم ومسلمين وهذه التقاسيم أظهر من أن يحتاج في إثباتها إلى تكلف وإطناب ثم ميزت العرب باب الإناث فقالوا مسلمة ومسلمتان ومسلمات وما ذكره هؤلاء من تغليب علامة التذكير عند محاولة التعبير عن [الجنسين] فصحيح على الجملة ولكنهم لم يفهموه على وجهه فإن ما ذكروه سائغ إن أريد فأما أن يقال: وضع اللسان على أن المسلمين مسترسل على الرجال والنساء استرساله على آحاد الرجال فلا والذي ذكروه صالح لو أريد وليس في اللسان القضاء به إلا عند قرينة شاهدة عليه.
ولا شك إن ما ذكرناه مختص بصيغة جمع السلامة وأما الألفاظ التي تشتمل في الوضع على الجنسين فلا شك في تناولها كالناس والقوم وما أشبههما.
مسألة:
٢٦١- من, من الألفاظ المبهمة وهي إحدى صيغ العموم في اقتضاء الاستغراق إذا وقع شرطا ويتناول الذكور والإناث وذهب إلى هذا أهل التحقيق من أرباب اللسان والأصول وذهب شرذمة من أصحاب أبي حنيفة إلى أنه لا يتناول الإناث واستمسكوا بهذا المسلك في مسألة المرتدة فقالوا في قوله صلى الله عليه وسلم:"من بدل دينه فاقتلوه" ١ لا يتناول.
١ البخاري في: الجهاد "١٤٩" والاعتصام "٢٨" والاستتابة "٢" وأبو داود في: الحدود "١" والترمذي في: الحدود "٢٥" والنسائي في: التحريم "١٤" وابن ماجه في: الحدود "٢" وأحمد ١/٢, و٧, و٢٨٢,