للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسائل الاستثناء:

٢٧٩- الاستثناء استفعال من الثني يقال: ثنيت الشيء إذا صرفته وثنى الثوب إذا كف وغطف عن أطراف الأذيال والأكمام ثم للاستثناء أدوات في اللسان يطول استقصاء القول فيها ونحن نذكر أمها وأصلها ونضبط تراجم الاستثناء مبنية على القواعد ثم ننعطف على المسائل الأصولية في قضايا الاستثناء فنقول:

٢٨٠- أصل أدوات الاستثناء "إلا" ثم لا يخلو إما أن يتصل بكلام متضمنه إيجاب١ وإثبات٢ وإما أن يتصل بكلام مبني على النفي فإن كان في واجب ثابت فوضع اللسان فيه اقتضاء النصب تقول جاء القوم إلا زيدا والتقدير أستثنى زيدا فهو حرف دال على فعل ناصب قال الله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ} ٣ وقد يرد ما بعد إلا مرفوعا وهو فصيح منطوق به تقول جاءني القوم إلا زيد وعليه حمل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ٤ وأنشد فيه:

وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان.

وإنما يسوغ ذلك لأمر نحن ننبه عليه فنقول من قولهم في اللغة الفصيحة: جاء القوم غير زيد فينصبون "غير" على الاستثناء ويأخذون نصب "غير" مما ينتصب بإلا٥ في قولهم جاء القوم إلا زيدا فغير يدخل على ما يعمل فيه "إلا" ويجوز أن يقال جاء القوم "غير" زيد أجروا غير نعتا للقوم والتقدير جاء القوم المغايرون لزيد ثم لما أدخلوا "غير" على حكم إلا أدخلوا ما بعد إلا في لغة على "غير" في مذهب الصفة فقالوا: جاء القوم إلا زيد.

٢٨١- وإذا اتصل بكلام مبني على النفي فلا يخلو إما أن يتم الكلام دونه أو لا يتم فإن لم يتم الكلام دونه فاعتماد الكلام على النفي تعمل إلا وجرى الكلام بوجوه [الإعراب كما يجري فرضه] لو فرض حذف إلا.


١ إيجاب: وذلك بأن يذكر في الكلام المستثنى منه.
٢ إثبات: وذلك بألا يتقدمه نفي.
٣ آية "٢٤٩" سورة البقرة.
٤ آية "٢٢" سورة الأنبياء.
٥ وللمنتصب بـ"إلا" ثلاثة أحوال: الأولى: وجوب النصب على الاستثناء وذلك إذا كان الكلام موجبا. الثانية: جواز اتباعه لما قبل "إلا" على أنه بدل منه مع جواز نصبه على الاستثناء وذلك إذا كان الكلام تاما منفيا. الثالثة: وجوب إجرائه على حسب ما يقتضيه العامل المذكور قبل إلا وذلك إذا كان الكلام ناقصا ولا يكون حينئذ إلا منفيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>