للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب التأويل. وكم من لفظ يراه كثير من الناس عاما ولا عموم له عند ذوي التحقيق وكم من لفظ يعتقده الفقهاء ظاهرا وهو عند [ذوي] التحقيق نص.

فهذه الجمل ذكرناها مبهمة وتحقيقها على التفصيل محال على باب التأويلات.

٣٣٢- وذكر الأصوليون في انتظام هذا الفن من الكلام التردد في التخصيص بمذهب الصحابي وهذا سنذكره في كتاب الاجتهاد عند ذكرنا أن أقوال الصحابة إذا لم يستمر الاجتماع فيها هل [تكون] حجة أم لا ونذكر تفاصيل الخلاف والوفاق في هذا النوع.

مسألة في حمل المطلق على المقيد:

٣٣٣- الوجه تنزيل هذه المسألة على مثال أولا حتى إذا جرت المسألة في صورة ذكرنا اختلاف المذاهب في العبارات عن ضبط صور الخلاف والوفاق ثم نذكر معتمد كل مذهب ونتتبع بالنقض كل ما لا يصح ونجرى على دأبنا في إثبات الصحيح بعد البحث عن المسالك الفاسدة فنقول ذكر الله تعالى الرقبة في كفارة القتل وقيدها بالإيمان فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ١ وذكر الرقبة في كفارة الظهار مطلقة ولم يقيدها بالإيمان فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ٢ فاضطربت الاراء.

فرأى الشافعي تنزيل الرقبة المطلقة في كفارة الظهار على التقييد بالإيمان في كفارة القتل ثم اضطربت أصحابه في تأويل مذهبه فذهب ذاهبون إلى أن المطلق محمول على المقيد بحكم اللفظ ومقتضى اللسان ولا حاجة إلى استنباط قياس وإبداء تأويل للمطلق مقيد وهؤلاء يزعمون أن نفس المقيد يوجب تقييد المطلق.

وصار صائرون إلى أن المطلق يحمل على المقيد بقياس مستجمع لشرائط الصحة يقتضي الجمع بين المطلق والمقيد.

٣٣٤- ثم فصل نقلة المذاهب القول وجعلوه ثلاثة أقسام وعبروا عن التقاسيم بعبارتين فقال قائلون إذا اجتمع المطلق والمقيد في واقعة واحدة فالمطلق محمول على المقيد وفاقا وإن وقعا في واقعتين متباعدتين فلا حمل ومثلوا هذا بتقييد.


١ آية "٩٢" سورة النساء.
٢ آية "٣" سورة المجادلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>