للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفقر والاستحقاق في قوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} ١ ولم يعتصموا في هذا التقييد بقاطع يجوز نسخ القرآن بمثله فهذا أحد الوجوه الثلاثة.

٣٣٩- والوجه الثاني أن نقول أتدعون أن ذكر الرقبة على الإطلاق نص في إجزاء كل رقبة حتى لو تخيل متخيل اختصاص الإجزاء ببعض الرقاب كان خارما لمقتضى النص خارجا عن الفحوى المقطوع بها؟ أم ترون فهم الإجزاء مظنونا متلقى من الظاهر فإن ادعوا كونه قاطعا بحيث لا يتطرق إليه التأويل كان ذلك بهتانا ومعاندة في مسلك العقول فإن الرب تعالى ذكر الرقبة مطلقة وذكر الطعام والكسوة على الإطلاق ولم يتعرض لتفصيلها وإنما استاقها استياقا لا يشتمل على التزام البيان والتفصيل كما جرى ذلك في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} ٢ وقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} ٣ وقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ٤ فهذه الآي لتأصيل الأصول ولا يمتنع أن يقع البيان في التفاصيل بعد استفادة التأصيل ووضوح احتمال ما ذكرناه يغنى اللبيب عن البسط في ذلك.

وإن اعترفوا بأن الإجزاء ظاهر فقد كفونا المؤنة وأقروا بالحق فإن إزالة الظاهر ليس في حكم النسخ وهذا هو الوجه الثاني من الكلام.

٣٤٠- والوجه الثالث أن الرقبة المطلقة تعم كل رقبة فحملها على خصوص من الرقاب عين التخصيص وقد قسم المحصلون التخصيص قسمين أحدهما قصر على بعض المسيمات من غير فرض تمييز ما وقع القصر عليه من غيره بصفات كحمل قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ٥ على ثلاثة منهم والقسم الثاني تخصيص تمييز وهو حمل المطلق المتناول في الإطلاق للمختلفات على مسميات متيزة بصفات عن أغيارها كحمل المشركين على أهل الحرب دون المهادين وأهل الذمة وكحمل السرقة على إخراج مخصوص من محل مخصوص في مقدار مخصوص وعلى الجملة المطلق يتناول المختلفات تناول عموم على ظهور لا على [تنصيص لا] يتطرق إليه إمكان تأويل.

٣٤١- وإذا لاح ما ذكرناه بنينا عليه ما نختاره ونقول لا يحمل المطلق عندنا.


١ آية "٧" سورة الحشر.
٢ آية "٣٨" سورة المائدة.
٣ آية "٢" سورة النور.
٤ آية "٥" سورة التوبة.
٥ آية "٦٠" سورة التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>