ذلك مسلما لهم بمجرد العرف فمجرد العرف لا يقتضي تخصيصا فإن القضايا متلقاة من الألفاظ وتواضع الناس عبارات لا يغير وضع اللغات ومقتضى العبارات.
فإن قالوا: الناس مخاطبون على أفهامهم قلنا فليفهموا من اللفظ مقتضاه لاما تواضعوا عليه ولو تواضع قوم على تخصيص أو تعميم ثم طرقهم اخرون لم يشاركوهم في تواضعهم فإنهم لا يلتزمون أحكام تواطئهم فالشرع وصاحبه كيف يلزمهم حكم تواضع المتعاملين وقد خاطب المصطفى بشريعة العربية الأعاجم على اختلاف لغاتها على تقدير أن يسعوا في درك معاني الألفاظ التي خوطبوا بها والمسألة موضوعة فيه إذا لم يكن الرسول صاحب الشريعة ناطقا بما ينطق أهل العرف فلو ظهر منه مناطقة أهل زمانه بما اصطلحوا عليه فلفظه في الشرع لا ينزل على موجب اللسان وإنما مأخذ المسألة في ظن الخصوم أن الشارع وإن لم يكن من الناطقين باصطلاح أصحاب العرف فإنه لا يناطقهم إلا بما يتفاوضون به وليس الأمر كذلك كما قدمناه.
وقد انتجز الكلام في قضية الألفاظ العامة والخاصة وما يقتضي التخصيص ومالا يقتضيه على الجملة والتفصيل محال على باب التأويل ونحن نرى الآن أن نذكر قولا بالغا في مفهوم الخطاب ليكون جامعا بين المنطوق به وبين المسكوت عنه ثم إذا انتهى القول فيه استفتحنا باب التأويل مستعينين بالله تعالى.