في القصة المشهورة وموضع الاستدلال للشافعي تقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل.
٤٠٩- قال القاضي هذا فيه نظر فإن قول مجزز كان موافقا لظاهر الحال وكان المنافقون يبدون غمزة في نسبة زيد وأسامة قاصدين به أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الشرع حاكما بالتحاق [أسامه بزيد] فجرى قول مجرزا منطبقا على وفق الشرع والظاهر والأمر المستفيض الشائع وهو بمثابة ما لو قال فاسق مردود الشهادة هذه الدار لفلان يعزوها إلى مالكها وصاحب اليد فيها فلو قرر الشارع مثل هذا الرجل [على] قوله لم يكن ذلك حكما منه بأقوال الفسقة في محل النزاع وقيام الحاجات إلى إقامة البينات.
وإن انتصر [منتصر للشافعي] قائلا إنما استدل الشافعي [باهتزاز] رسول الله صلى الله ليه وسلم ومن تمام كلام [الشافعي] أن الرسول لا يسره إلا الحق فإذا سره قول مجزر تبين أنه من مسالك الحق قيل: يمكن أن يحمل ذلك على علم رسول الله صلى الله عليه وسلم برجوع العرب إلى أقوال القافة والقيافة لم تزل عندهم مرجوعا إليها وهي من أبواب الكهانة وكان [المغمز] منهم فلما رأى ما يكذبهم سره ما ساءهم.
٤١٠- فأقصى الإمكان في ذلك أن الرسول لو لم يكن معتقدا قبول قول القائف لعده من الزجر والفأل والحدس والتخمين ولما أبعد أن يخطئ في مواضع وإن أصاب في مواضع فإذا تركه ولم يرده كان الكلام على الأنساب بطريق القيافة فهذا من هذا الوجه قد يدل على أنه مستند الأنساب فهذا هو الممكن في ذلك.
وقد انتجز بنجازه أحكام الأفعال والأقوال.
وأنا أرى على أثر ذلك أن أتكلم في شرع من قبلنا وأوضح مذاهب الناس فيه فإن من العلماء من قدر شرائع الأنبياء الماضية شرعا لنا إذا لم يثبت في شرعنا ناسخ له على التعيين.