للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التباسها واندراسها فكأن هؤلاء وافقوا المذهب وخالفوا في العلة.

والوجه الثاني أنه لو كان لنا متعلق في شرع من قبلنا لنبهنا الشارع على مواقع التلبيس حتى لا يتعطل علينا مرجع الأحكام والوجه الثالث أنه كان أسلم من الأحبار المطلعين على مواقع التغيير طائفة منهم عبد الله١ بن سلام وقد استشهد الله به في نص القرآن وقال: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ٢ [وقال: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} ٣] وأسلم كعب٤ الأحبار في زمن عمر وكان المنتهى في علوم الأديان والإحاطة بالكتب وبالجملة لم يثبت قط رجوع إمام في عصر من الأعصار إلى تتبع الأحكام من الملل السابقة فانتهض ما ذكرناه قاطعا شرعيا فيما نحاوله.

٤١٦- فإن تمسك فقهاؤنا بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} ٥ وقوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} ٦ وقوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} ٧ قيل: المراد بمساق هذه الآي الرد على المشركين وبيان إطباق النبيين على الدعاء إلى التوحيد وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم على مسلكه المعروف رادا على عبدة الأوثان فلما بلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم جرت الآى المشتملة على ذكر إبراهيم صلى الله عليه وسلم في تأييد التوحيد والرد على عبدة الأوثان.

مسألة:

٤١٧- مما ذكره الأصوليون متصلا بهذا الفن القول فيما كان النبي عليه السلام.


١ عبد الله بت سلام بن الحارث أبو يوسف الإسرائيلي نسبا الأنصاري الخزرجي حلفا. وكان من سادات اليهود وأحبارهم, ومعظما في الجاهلية والإسلام. مات سنة "٤٣هـ". له ترجمة في: أسد الغابة ٣/٢٦٤ والإصابة ٢/٣١٢, وشذرات الذهب ١/٥٣.
٢ آية "٤٣" سورة الرعد.
٣ آية "١٠" سورة الأحقاف.
٤ كعب الأحبار هو: كعب بن ماتع الحميري أبو إسحاق. يقال
٥ سبقت ترجمته.
٦ آية "٦٨" سورة آل عمران.
٧ آية "٧٨" سورة الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>