للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩٤-[ومما يشترط] في الخبر المتواتر الذي يفضي إلى العلم صدوره عن عدد وقد اضطرب الناس في ذلك اضطرابا فاحشا فنقل أصحاب المقالات عن النظام أنه قال قد يتضمن إخبار الواحد العلم الضروري فلا يشترط على موجب هذا النقل عنده عدد ولا يتضح مذهبه الآن نبين حقيقته عند ذكرنا الحق المختار.

٤٩٥- وذهب من سواه من الخائضين في هذا الفن إلى اشتراط العدد ثم تباينت مذاهبهم فيه فلم يغادروا على اختلاف الاراء عددا في الشرع وهو مرتبط حكم أو جار وفاقا في حكاية حال إلا مال ذاهبون بالاعتقاد إليه فذهب قوم إلى اعتبار الأربعين مصيرا إلى عدد الجمعة عند بعض الفقهاء وذهابا إلى أن هذا العدد هو الذي نزل فيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ١ نزلت هذه الآية لما امن أربعون من الرجال وكملت العدة بإسلام عمر وذكر بعضهم عدد رجال بدر وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر وذكر آخرون عدد أهل بيعة الرضوان وهم كانوا ألفا وسبعمائة واعتبر آخرون السبعين لقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} ٢ وقال طوائف من الفقهاء ينبغي أن يبلغوا مبلغا لا يحويهم بلد ولا يحصيهم عدد وهذا سرف ومجاوزة حد وذهول عند مدرك الحق.

٤٩٦- وقال القاضي أعلم أن عددهم يزيد على أقصى العدد المرعى في بيانات الشريعة وزعم أن إخبار الأربعة لا يتضمن العلم فإنه عدد بينة الزنا ونحن نعلم أن البينات في تفاصيل الحكومات لا تثمر العلوم وما زال القضاة مكتفين بغلبات الظنون في أقضيتهم ثم لم يقطع القاضي بأن إخبار الخمسة يوجب العلم ولم ينفه وإنما محل قطعه أن الأربعة لا يوجب إخبارهم العلم.

وذكر القاضي رحمه الله في بعض مصنفاته أن الوجه في درك ذلك أن يمتحن اللبيب أخبار المخبرين عن الضروريات فلا يجد من نفسه العلم على عدة مخصوصة والمخبرون يتزايدون والممتحن في ذلك يحس وجدان نفسه وما يدركه من الثلج واليقين ويتخذ [العدد الذي] اتصل بأخبارهم علمه [معتبرا] .

٤٩٧- والذي أراه أن هذه المذاهب منقسمة فمنها ما هو مصروف عن مدرك.


١ آية "٦٤" سورة الأنفال.
٢ آية "١٥٥" سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>