للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قوله: هذا محمول على النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فإن السنة إذا أطلقت تشعر بحديث الرسول عليه السلام.

وأبي المحققون هذا فإن السنة هي الطريقة وهي مأخوذة من السنن والاستنان فلا يمتنع أن يحمل ما قاله على الفتوى وكل مفت ينسب فتواه إلى شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مستند الفتوى قد يكون نقلا وقد يكون استنباطا واجتهادا فالحكم بالرواية مع التردد لا أصل له.

وكذلك إذا قال: أمرنا بكذا١ فهو بمثابة قوله: من السنة كذا فهذا منتهى القول في التحميل والتحمل ويلتحق الآن بذلك مسائل.

مسألة:

٥٩٥- إذا نقل الراوي العدل خبرا من شيخ فروجع الشيخ فيه فأنكره.

فالذي ذهب إليه أصحاب أبي حنيفة وطوائف من المحدثين: أن ذلك يوهى الحديث ويمنع العمل به.

وأطلق الشافعي القول بقبول الحديث وإيجاب العمل به.

وذكر القاضي في ذلك تفصيلا ونزل مطلق كلام الشافعي - رحمه الله - عليه فقال: إن قال الشيخ المرجوع إليه: كذب فلان الراوي عني أو قال: غلط وما رويت له قط ما ذكر فإذا جزم الرد عليه أوجب ذلك سقوط تلك الرواية٢ فإن ردد الشيخ قوله ولم يثبت الرد على الراوي عنه ولكنه قال لست أذكر هذه الرواية فهذا لا يتضمن ردا رواية إذا كان الراوي عن الشيخ موثوقا به.

٥٩٦- فأما أصحاب أبي حنيفة فإنهم احتجوا بالشهادة على الشهادة فإن الفروع وإن كانوا عدولا إذا شهدوا ولم يمض القاضي قضاءه بشهادتهم حتى


١ كقول أم عطية: "أمرنا أن لا نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين". أخرجه الشيخان. قال ابن صلاح: لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي ومن يجب اتباع سنته وهو رسولا لله عليه وسلم. "تدريب الراوي" ١/١٨٨.
٢ لكن لا يقدح ذلك في باقي روايات الراوي عنه ولا يثبت به جرحه لأنه أيضا مكذب لشيخه في نفيه لذلك وليس قبول جرح كل منهما أولى من الآخر فتساقطا فإن عاد الأصل وحدث به أو حدث فرع آخر ثقة ولم يكذبه فهو مقبول. صرح به القاضي أبو بكر والخطيب وغيرهما. "تدريب الراوي" ١/٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>