للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمتثل أوامره وكان لا يبغى من ألفاظه غير ذلك.

والذي يوضح ما قدمناه أنه عليه السلام كان مبتعثا إلى العرب والعجم ولا يتأتى إيصال معنى أوامره إلى معظم خليقة الله سبحانه وتعالى إلا بالترجمة ومن أحاط بمواقع الكلام عرف أن إحلال الألفاظ من ثقة محل الألفاظ أقرب إلى الاقتصاد من نقل المعاني من لغة إلى لغة.

فإن استدل من منع ذلك بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال١: "نضر الله امرا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها", قلنا: هذا أولا من أخبار الاحاد ونحن نحاول الخوض في مخاض القطعيات وقد قال بعض المحققين من أدَّى المعنى على وجهه فقد وعى وأدى والتأويل الصحيح لو رمنا الكلام على الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أراد بذلك من لا يستقل بفهم المعنى على القطع وتتميم الحديث شاهد فيه فإنه عليه لسلام قال في آخره: "فرب حامل فقه غير فقيه [ورب] حامل فقه إلى من هو أفقه منه", فيشهد مساق الكلام على أن ما قاله فيه إذا كان يتوقع من الناقل زللا ولو ترجم.

مسألة:

٦٠٢- من سمع حديثا مشتملا على أحكام فهل له أن ينقل بعضها دون بعض بقدر مسيس الحاجة ولا يسوق الحديث على وجهه؟ اختلف العلماء في ذلك فمنع بعضهم الاقتصار على بعض الحديث وهذا قريب من التزام نقل اللفظ على وجهه وأجاز ذلك اخرون.

٦٠٣- والمرضى [عندنا] التفصيل فإن كان ما سكت الراوي عنه حكما يتميز عما نقله ولم يكن للمسكوت عنه تعلق بالمنقول وكان لا يختل البيان في المروى بترك بعض الحديث فيجوز تخصيص البعض بالنقل على هذا الشرط وإن كان يختل البيان في القدر المنقول بسبب ترك المسكوت عنه فهذا إخلال في النقل ممتنع.

٦٠٤- وقد تردد كلام الشافعي على خبرين ونحن نذكر سياق كلامه فيهما وبه يتم غرض المسألة قال الشافعي رحمه الله: نقل بعض النقلة عن ابن مسعود٢:


١ الترمذي "٢٦٥٨", وابن ماجه "٢٣٠, ٢٣١, ٢٣٦, ٣٠٥٦", وأحمد ٤/٨٠, والطبراني ١٧/٤٩.
٢ ابن مسعود هو: عبد الله بن مسعود بن غافلة الهذلي نسبا الزهري حلفا الكوفي موثلا. كان من أهل السوابق, وكان سادسا أو في الإسلام, هاجر قديما إلى الحبشة, وشهد المشاهد كلها مات سنة "٣٢" أو "٣٣" له ترجمة في: أسد الغابة ٣/٣٨٤, والإصابة ٢/٣٦٠, وشذرات الذهب ١/٣٨, والنجوم الزاهرة ١/٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>