للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتوفر الدواعي على نقله.

فقد أسندوا كلامهم إلى ثلاث جهات مترتبات في العسر أولها: تعذر عرض مسألة واحدة على الكافة والأخرى عسر اتفاقهم والحكم مظنون والثالثة تعذر النقل تواترا عنهم واختتموا هذه بأن قالوا لو ذهب ذاهب من العلماء إلى مذهب فما الذي يؤمن من بقائه عليه وإصراره على مذهبه إلى أن يطبق النقل طبق الأرض فهذه عين كلام هؤلاء.

٦٢٠- قال القاضي معترضا عليهم متتبعا مسالكهم: نحن نرى إطباق جيل من الفار يربى عددهم على عدد المسلمين وهم متفقون على ضلالة يدرك بأدنى فكر بطلانها فإذا لم يمتنع إجماع أهل الدين على الإحاطة بذلك منهم وإن أردنا فرض ذلك في الفروع فنحن نعلم إجماع علماء أصحاب الشافعي على مذهبه في المسائل مع تباعد الديار وتنائي المزار وانقطاع الأسفار فبطل ما زخرفه هؤلاء.

ثم قال القاضي: لا يمتنع تصور ملك تنفذ عزائمه في خطة أهل الإسلام إما باحتوائه على البيضة أو بعلو قدره واستمكانه من إحضار من يشاء من المماليك بجوازم أوامره المنفذة إلى ملوك الأطراف وإذا كان ذلك ممكنا فلا يمتنع أن يجمع مثل هذا الملك علماء العالم في مجلس واحد ثم يلقى عليهم ما عن له من المسائل ويقف على خلافهم ووفاقهم فهذا وجه في التصوير بين لا يتوقف تصوره على فرض خرق العادة فهذا منتهى كلامه.

٦٢١- ونحن نفصل الآن القول في ذلك قائلين: لا يمتنع الإجماع عند ظهور دواع مستحثه عليه داعية إليه ومن هذا القبيل كل أمر كلى يتعلق بقواعد العقائد في الملل فإن على القلوب روابط في أمثالها حتى كأن نواصي العقلاء تحت ربقة الأمور العظيمة الدينية ومن هذا القبيل ما استشهد به القاضي من اجتماع جموع الكفار على ما وقتوه من دينهم ومنه اجتماع أتباع إمام على مذهبه فإن كل من رأسه الزمان يصرف إليه قلوب الأتباع وبذلك يتصل النظام وهذا مستبين في الجلي والخفي.

[وما] صوره القاضي من إحضار جميع العلماء ليس منكرا فقد تكون أطراف المماليك في حق الملك العظيم كأنها بمرأى منه ومسمع فلا يبعد ما قاله على ما صوره.

<<  <  ج: ص:  >  >>