للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن وقع لا يحمل على وفاق اعتقاداتهم وجريانها على منهاج واحد فإن ذلك مع تطرق وجوه الإمكان واطراد الاعتياد مستحيل بل يستحيل اجتماع العقلاء على معقول مقطوع به في أساليب العقول إذا كان لا يتطرق إليه إلا بإنعام نظر وتسديد فكر وذلك لاختلاف الناظرين في نظرهم فإذا كان حكم العادة هذا في النظر القطعي فما الظن بالنظر الظني الذي لا يفرض فيه قطع فإذا تقرر أن اطراد الاعتياد يجيل اجتماعهم على فن من النظر فإذا ألفيناهم قاطعين بالحكم لا يرجعون فيه رأيا ولا يرددون قولا فنعلم قطعا أنهم أسندوا الحكم إلى شيء سمعي قطعي عندهم ولا يبعد سقوط النقل فيه فهذا مسلك إثبات الإجماع في هذه الصورة.

٦٢٨- فأما الصورة الثانية وهي إذا أجمعوا على حكم مظنون وأسندوه إلى الظن وصرحوا به فهذا أيضا حجة قاطعة والدليل على كونه حجة أنا وجدنا العصر الماضية والأمم المنقرضة متفقة على تبكيت من يخالف إجماع العلماء علماء الدهر فلم يزالوا ينسبون المخالف إلى المروق والمحادة والعقوق ولا يعدون ذلك أمرا هينا بل يرون الاجتراء على مخالفة العلماء ضلالا بينا فإجماعهم على هذا مع [الإنصاف كالقطع] في مجال الظن عند نظر العقل فإذا التحق هذا بإجماعهم قطعا في حكم مظنون قطع به المجمعون من غير ترديد ظن فليكن الإجماع على تبكيت المخالف وتعنيفه مستند قاطع شرعي ولا يبعد أن يكون ذلك بعض الأخبار التي ذكرناها تلقاها من تلقاها من فلق في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم بقرائن الحال قصد المصطفى عليه السلام في انتصاب الإجماع حجة ثم علموا ذلك وعملوا واستمروا على القطع بموجبه ولم يهتموا بنقل سبب قطعهم [فقد] تقرر [الآن] انتصاب الإجماع دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا في الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>