خر عليهم سقف على القرب أو عمهم وجه من وجوه الهلاك فقد انبرم إجماعهم في ذلك الحكم وإن كان ذلك في زمن قريب ولو بقوا زمنا طويلا مصممين على ما قالوه لم ينعقد الإجماع ما لم ينقرضوا.
وقال القاضي: إذا أجمعوا قامت الحجة من غير استئخار وانتظار انقراض ولو فرض خلاف بعد الوفاق كان المخالف خارجا عن حكم الإجماع خارقا ربقة الوفاق.
وقال الأستاذ أبو إسحاق وطائفة من الأصوليين: إن كان الإجماع قوليا لم يشترط فيه الانقراض وإن كان حصوله بسكوت جماهير العلماء على قول واحد منهم من غير إبداء نكير عليه فهذا النوع يشترط في انعقاده ووجوب الحكم به انقراض العصر خليا عن إظهار الإنكار.
٦٤١- والحق المرضى عندنا: أن الإجماع ينقسم إلى مقطوع به وإن كان في مظنة الظن وإلى حكم مطلق أسنده المجمعون إلى الظن بزعمهم فأما ما قطعوا به على خلاف موجب الاعتياد فتقوم الحجة به على الفور من غير انتظار واستئخار فإنا أوضحنا أن ذلك إذا اتفق فهو محمل على رجوعهم إلى أصل مقطوع به عندهم وتقدير خلاف ذلك مخالف موجب طرد العادة والعادة لا تنخرق لا في لحظة ولا في آماد متطاولة إن اتفقوا على حكم وأسندوه إلى الظن فلا يتم الإجماع ولا ينبرم مع إسنادهم ما أفتوا به إلى أساليب الظنون ما لم يتطاول الزمن فإن الإجماع على الحكم مع الاعتراف بالتردد في الأصل لا يعد إجماعا وإطباقا ولو فرض من [بعضهم] إظهار خلاف ما عن لهم على البدار لم يعد ذلك المخالف والحالة كما صورناه عاقا خارقا حجاب الهيبة فإنهم إذا قالوا: قالوا قرنوه بما يرخى طول الناظر المتفكر وسوغ له طرق التفكير نعم إن استمروا على حكمهم ولم ينقدح على طول الزمن لواحد منهم خلاف فهذا الآن يلتحق بقاعدة الإجماع وهذا عسر التصور فإن المظنون مع فرض طول الزمن فيه يبعد أن يسلم عن خلاف مخالف من الظانين فإذا تصور فالحكم ما ذكرناه فإن امتداد الأيام يبين إلحاقهم بالمصرين ويرفعهم عن رتبة المترددين ويتجه إذ ذاك توبيخ المخالفين ومخاطبتهم بأن ما ذكرتموه لو كان وجها معتبرا لما أغفله العلماء المفتون.