من لا يرى لوجوه الرأي انتهاء ويرون طرق النظر غير محصورة ثم كان اللاحقون يتبعون السابقين ولا يعتنون بذكر وجوه في الحصر لا تتعدى فعلمنا بضرورة العقل أنهم كانوا يتلقون معاني ومصالح من موارد الشريعة يعتمدونها في الوقائع التي لا نصوص فيها فإذا ظنوها ولم يناقض رأيهم فيها أصل من أصول الشريعة أجروها واستبان أنهم كانوا لا يبغون العلم اليقين وإنما كانوا يكتفون بأن يظنوا شيئا علما.
فإذا ظهرا الإخالة وسلم المعنى من المبطلات وغلب الظن كان ذلك من قبيل ما يتعلق به الأولون قطعا.
٧٦١- وأنا أقرب في ذلك قولا [فأقول] : إذا ثبت حكم في أصل وكان يلوح في سبيل الظن [استناد] ذلك إلى أمر ولم يناقض ذلك الأمر شيء فهذا هو الضبط الأقصى الذي لا يفرض عليه مزيد.
فإذا أشعر الحكم في ظن الناظر بمقتضى استنادا إليه فذلك المعنى هو المظنون علما وعلة لاقتضاء الحكم فإذا ظهر هذا وتبين أن الظن كاف وتوقع الخطأ غير قادح ولا مانع من تعليق الحكم كان ذلك كافيا بالغا.
٧٦٢- ومما يعضد به الغرض أن كل حكم أشعر بعلة ومقتضى ولم [يدرأه] أصل في الشرع فهو الذي يقضي بكونه معتبر النظر فإن الشارع ما أشار إلى جميع العلل واستنبط نظار الصحابة رضي الله عنهم وكانوا يتلقون نظرهم مما ذكرته قطعا.
فإن قيل: فالإخالة مع السلامة هي الدالة إذا.
قلنا: لا ولكن إذا ثبتت الإخالة ولاحت المناسبة واندفعت المبطلات التحق ذلك بمسلك نظر الصحابة رضي الله عنهم فالدليل إجماعهم إذا كما تقدم في إثبات القياس على منكريه.
٧٦٣- فإن قيل: قد ثبت من رأيكم أنه لا يخلو واقعة عن حكم الله تعالى ما دامت أصول الشريعة محفوظة وثبت أن النظر ليس مسترسلا في وجوه المصالح كلها ومآخذ الأحكام مضبوطة والوقائع المتوقعة لا ضبط لها فكيف يستند ما لا نهاية له إلى المتناهي؟ وهذا سؤال عسر جدا.
ونحن نقول: أولا: انضباط المآخذ مسلم والحكم بأن حكم الله يجرى في.