للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٧٨- فأما من جوز وضعا واستنباطا تعليل حكم بعلل فمسلكه واضح وطريقة لائح وإنما الاعتناء بالتنبيه على مسالك الآخرين.

فمما تعلقوا به أن قالوا: أجمع أهل القياس على اتحاد علة الربا واتخذ كل فريق إبطال ما يدعيه الاخرون المخالفون ذريعة إلى إثبات ما يدعيه علة ولو كان يسوغ إثبات حكم بعلل لكان هذا المسلك غير متجه ولا مفيد والذي يحقق ذلك أنهم أجمعوا على التعلق بالترجيح وإنما ترجح العلل إذا تعارضت ولو كان لا يمتنع اجتماعها لكان الترجيح لغوا فيها فإن من ضرورة الترجيح الاعتراف باستجماع كل علة شرائط الصحة لو قدرت منفردة فإذا تناقضت يرجح بعضها على بعض وإذا لم يمتنع اجتماعهما لم يكن للترجيح معنى.

٧٧٩- ومن جوز تعليل حكم بعلتين لم يبعد أن تكون إحداهما أولى من الأخرى والترجيح لا يفيد إلا تلويحا في ظهور بعض العلل.

والكلام على هذا من أوجه:

أحدها: أن تعليل ربا الفضل ليس مقطوعا به عند المحققين وليس منكر تعليله منتسبا إلى جحد القياس ومن عرف مسالك كلامنا في "الأساليب" تبين ظهور ميلنا إلى اتباع النص وإلى إثباتنا الربا في كل مطعوم بقوله عليه السلام: "لا تبيعوا الطعام بالطعام" ١ وربا الفضل في النقدين لا يتعداهما ولا ضرورة تحوج إلى ادعاء علة قاصرة وقد أجريت مسألة الربا على التزام اتباع مذهب الشافعي ومحاذرة مخالفته في تعليله تحريم ربا الفضل في الأشياء الأربعة بالطعم المتعدى في محل النص.

٧٨٠- وأنا الآن أبدى اختياري في منع تعليل ربا الفضل وأبدأ القول في النقدين فأقول: قد وضح إبطال الوزن في النقدين ولم يبق إلا النقدية والعلة القاصرة لا تثمر مزيدا في الحكم ولا تفيد جدوى في التكليف فإن الحكم ثابت بالنص.

ومن قال بالعلة القاصرة أبداها وانتحاها حكمة في حكم الشرع [ولسنا] نبعد ذلك ولكن يتعين في [ادعاء] العلة القاصرة أن يكون المدعى مشعرا بالحكم مناسبا له مفضيا بالطالب إلى التنبيه على محاسن الشريعة والتدرب في مسالك المناسبات وشرط ذلك الإخالة لا محالة وليست النقدية مشعرة بتحريم ربا الفضل على ما قررت.


١ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>