فإذا لا إخالة ولا تنبيه من الشارع ولا شبه بين العقاقير والفواكه وبين الأشياء الأربعة.
فقد بطل قياس الدلالة وفسد التعلق بالترجيح وأغنى ذكر [النقدين] فيما يتعلق بالحكم وأغنى ذكر الطعام عن تكلف استنباط علة فالوجه التعلق بالنهي عن بيع الطعام بالطعام.
وإذا حاول الخصم تخصيصا لم يجد دليلا يعضد به تأويلا فثبت الظاهر وقد امتنع تخصيصه أيضا على الخصم وإذا رووا في حديث عبادة بن الصامت وكذلك ما يكال ويوزن فهو موضوع مختلق باتفاق المحدثين.
٧٨٤- وإذا قال من لم يزد على الأشياء الستة لو كان تحريم التفاضل في كل مطعوم لكان ذكر الطعام أوجز وأوقع وأعم وأجمع فذكره أصنافا مخصوصة يشعر بقصر الحكم عليها.
فيقال لهؤلاء: لا ينفع ما ذكرتموه مع صحة النهي عن بيع الطعام بالطعام وليس في ذكر بعض الأطعمة ما يتضمن تخصيص اللفظ العام في الطعام إذ الألقاب لا مفهوم لها وقد ذكرنا في أثناء الكلام وجها وأوضحنا أنه لا يمتنع حمل ذكر الشارع لها على إبانة اطراد تحريم الربا في جميع ما يطعم مع انقسامه إلى القوت وغيره.
فتبين قطعا أن الربا يجري في كل مطعوم للخبر الوارد فيه وهو وارد في النقدين للنص فيهما.
وسبيل المسئول في المسألتين أن يذكر الحكم ويتمسك بالخبر ويحوج الخصم إذا حاول إزالة الظاهر إلى دليل فإذا ابتدر إلى ذكر طريقة في القياس نتبعها بالنقض وهذا جرى معترضا في الكلام.
٧٨٥- وقد عاد بنا الكلام إلى أن ما استشهد به من منع ربط حكم بعلتين من تخاوض العلماء في علة الربا باطل في مسلك الأصول فإنا أوضحنا أن ما استشهدوا به مما لا يعلل عندنا والكلام في التفصيل مع منع أصل التعليل فاسد حايد عن المقصد ثم لا يمتنع لو قيل بتعليل الربا أن يجمع القايسون في أصل معين على اتحاد العلة فيه ثم يتنافسوا في طلبها وهذا الإجماع لو فرض في صورة مخصوصة لا يتضمن القضاء بمنع ارتباط حكم في صورة أخرى بعلتين أو بعلل فلا تعلق إذا فيما استشهدوا به من علة الربا.