وإلى ما ليس في لفظ الشارع صلى الله عليه وسلم له ذكر ثم له مراتب لسنا لها الآن.
٧٦- والقول الحق عندي أن البيان هو الدليل وهو ينقسم إلى العقلي والسمعي.
فأما العقلي فلا ترتيب فيه على التحقيق في الجلاء والخفاء وإنما يتباين من الوجهين المقدمين في التعدد [وفي] الاحتياج إلى مزيد فكر وترو.
فأما السمعيات فالمستند فيها المعجزة وثبوت العلم بالكلام الصدق الحق لله سبحانه وتعالى: فكل ما كان أقرب إلى المعجزة فهو أولى بأن يقدم وما بعد في الرتبة أخر.
وبيان ذلك [أن كل] ما يتلقاه من لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآه فهو مدلول المعجزة من غير واسطة والإجماع من حيث يشعر بخبر مقطوع به يقع ثانيا والمدلولات المتلقاة من الإجماع [و] منها خبر الواحد والقياس يقع ثالثا ثم لها مراتب في الظنون ولا تنضبط وإنما غرضنا ترتيب البيان ومن ضرورة البيان تقدير العلم.
فإن قيل: لم, لم تعدوا كتاب الله تعالى؟ قلنا: هو مما تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل ما يقوله الرسول فمن الله تعالى فلم يكن لذكر الفصل بين الكتاب والسنة معنى فهذا منتهى الغرض في تقسيم البيان والله المستعان.
مسألة في تأخير البيان:
٧٧- اعلم أن البيان لا يسوغ تأخيره عن وقت الحاجة والمعنى به توجه الطلب التكليفي فإذا فرض ذلك استحال أن يؤخر بيان المطلوب ولو فرض ذلك لكان مقتضيا تكليف مالا يطاق وقد سبق القول في استحالته.
وأما تأخير البيان إلى وقت الحاجة عند ورود الخطاب فجائز عند أهل الحق.
٧٨- ومنع المعتزلة ذلك وأوجبوا اقتران البيان بمورد الخطاب والكلام عليهم يحصره ثلاثة أقسام.
أحدها: البرهان الحق فنقول لا يمتنع ما منعتموه وقوعا وتصورا وليس كامتناع المستحيلات وفرض اجتماع المتضادات فلئن فرض استحالته فهو متلقى على زعمكم من فن الاستصلاح والقول بالصلاح والأصلح فرع من فروع مذهبهم في التقبيح والتحسين العقليين وقد استأصلنا قاعدتهم فيما يدعونه من ذلك على أن.