فمسلكه الشبه فهذا بيان صورة قياس الشبه وما يلتحق به وهذا منتهى غرضنا من هذا التصدير في محاولة التصوير. وقد حان أن ننقل المذاهب في رد قياس الشبه وقبوله ونوضح الحق عندنا.
مسألة:
٨٤٠- قال القاضي في كثير من مصنفاته: قياس الشبه باطل وإلى هذا صغوه الأظهر وتابعه طوائف من الأصوليين وذهب معظم الفقهاء إلى قبول قياس الشبه والقول به فأما من رده فمتعلقه أن الشبه ليس مناسبا للحكم ولا مشعرا به فشابه الطرد فإن الطرد إنما رد من جهة أنه لا يناسب الحكم. وإن زعم القائل بالشبه أنه مناسب فليس من شرط الأصولي أن يتكلم في تفاصيل الفقه ولكنه يقول إن كان مناسبا على شرط الفقهاء فهو قياس المعنى ونحن لا ننكره وإنما ننكر قسما سميتموه الشبه وزعمتم أنه زائد على المعنى المخيل المناسب فهذا لباب كلام القاضي حيث يرد قياس الشبه وسنرد عليه في خاتمة الكلام.
٨٤١- وإنما أخرنا ذلك لأن الغرض لا يلوح دون ذكر معتصم القائلين بقياس الشبه وقد أكثر الفقهاء وما أتوا بكلام يفلح [المتمسك] به والذي نرتضيه متعلقا في الشبه أمران.
أحدهما: أن نقول قد أوضحنا في مواضع أنه لا تخلو واقعة عن حكم الله تعالى وعن قضية تكليفية وسنكشف الغطاء فيه في كتاب الفتوى إن شاء الله تعالى.
وإذا تمهد ذلك قلنا: من مارس مسائل الفقه وترقى عن رتبة الشادين فيها ونظر في مسالك الاعتبار تبين أن المعنى المخيل لا يعم وجوده المسائل بل لو قيل لا يطرد على الإخالة المشعرة عشر المسائل لم يكن مجازفا وهذه الطريقة إنما يدريها من توغل في مسائل الفقه فأمعن النظر فيها وهذا واضح جدا بالغ الموقع. وعضد القاضي في [التقريب] هذه الطريقة بمناظرات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفرائض سيما مسائل الجد وفي هذا نظر فإنها معان بيد أنها تكاد تتعارض وإنما تعب المجتهدون فيها بالترجيح فهذا مسلك مقنع جدا.
٨٤٢- والمسلك الثاني: أن الغرض من قياس المعنى غلبات الظنون وكل مسلك