للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسر في ذلك يتبين بفرض تعارض معنيين لو قدر انفراد كل واحد منهما "بالإضافة" مستقلا لاقتضى حكما لاستجماعه عند استقلاله شرائط الصحة فإذا عارضه معنى مقتضاه نقيض مقتضاه كمعنيين يتعارضان في التحليل والتحريم فسيأتي سبيل النظر فيهما.

ويئول الكلام إلى حالتين إحداهما أن يرجح أحد المعيين على الثاني بوجه من وجوه الترجيح على ما سنشرح الترجيحات في كتابها.

٨٥٧- وتقاسيمها يضبطها في غرضنا شيئان:

أحدهما: أن يكون أصل المعنى في وصفه أوضح وأبين والآخر أبعد فهذا ترجيح من نفس المعنى.

والثاني: أن يعضد أحد المعنيين بما يؤيده ويعضده على ما سيأتي.

فإن اختص أحد المعنيين بالظهور في أسلوب النظر واحتاج مبدي المعنى الآخر إلى تكلف في إبدائه فيقال فيهما إن أحدهما أجلى من الثاني.

وهذا ممثل بالعقليات المفضيات إلى القطع [فالذي] يقرب من العلم البديهي إذا قيس بما يبعد عنه بعض البعد [كان أجلى] فهذان يضربان مثلين للجلي من المظنونان والخفي منها.

فما قرب من الأصول القطعية فهو الجلي بالإضافة إلى ما بعد من العلم فلتكن العلوم السمعية مستند الخفاء والجلاء والإنسان يعلم ثم يتجاوز محل العلم قليلا فيظن ظنا غالبا ثم يزداد بعدا فيزداد الظن ضعفا.

فهذا وجه التفاوت في الظنون.

وهو فيه إذا كان ظهور الترجيح من ظهور المعنى في نفسه ولو كان الترجيح في الاعتضاد فالمعنيان في أنفسهما متقاربان فأسباب العضد في أحدهما إذا رجحته على معارضه أثبت له رتبة الجلاء بالإضافة إليه ورجع حاصل القول إلى أن الجلاء والخفاء راجعان إلى الترجيحات والترجيحات يحصرها القرب من المعلوم والاعتضاد بالمؤيدات ثم لا يتأتى في ذلك ترتيب وحصر حتى يحصره بعد أو حد وإن كانت في الحقيقة مضبوطة معدودة فهذا قولنا في مراتب المظنونات المعنوية.

٨٥٨- ثم جمله أقيسة المعاني مقدمة على أعلى رتبة تفرض [في] الشبه والسبب فيه أن المقيس على أصل بمعنى مشابه له فيه وزائد عليه بالإخالة على الشبه على وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>