ولو قيس المخيل السديد بالمطرد المنعكس فهو مقدم على المطرد المنعكس لتحققنا كون مثله معتمد الصحابة رضي الله عنهم ولتكلفنا إلحاق المطرد المنعكس به ومنه ثار الخلاف المتقدم في [أن] الطرد والعكس مما يسوغ الاحتجاج بهما أم لا؟
٨٦٢- وليعلم المنتهى إلى هذا الموضع أن المعنى قد يتناهى في الخفاء ويظهر للمجتهد جريان الطرد والعكس وإن عن للمجتهد في مثل هذا المجال تقديم العكس فلا بأس فإن المعنى إذا تناهى خفاؤه فإنه يكاد يخرج عن حكمنا بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحكمون به والظاهر في الانعكاس ملتحق بظواهر ألفاظ الشارع.
٨٦٣- ثم لا ينبغي أن يظن ظان أن القول في هذا ينتهي إلى القطع بل هو موكول إلى نظر النظار واجتهاد أصحاب الاعتبار وكيف لا يكون كذلك والتقديم والتأخير مستنده الترجيح ومنشأ الترجيح الظن.
وعلى هذا قد يعرض تقديم الشبه الجلي على المعنى الخفي والعلة فيه أنه إذا انتهى الخفي إلى مبلغ يحول الكلام في إخراجه [على جنس الإخالة والشبه الذي فيه الكلام لا ينقدح في إخراجه] عن قبيل الشبه قول فإذ ذاك ينظر الناظر [ويردد] رأيه في تقديم ما يقدم وتأخير ما يؤخر.
مسألة:
٨٦٤- قال القاضي ليس في الأقيسة المظنونة تقديم ولا تأخير وإنما الظنون على حسب الاتفاقات.
وهذا بناه على أصله في أنه ليس في مجال الظن مطلوب هو تشوف الطالبين [ومطمع] نظر المجتهدين قال بانيا على هذا إذا لم يكن مطلوب فلا طريق إلى التعيين وإنما المظنون على حسب الوفاق.
وهذه هفوة عظيمة هائلة لو صدرت من غيره [لفوقت] سهام التقريع نحو قائله وحاصله يئول إلى أنه لا أصل للاجتهاد وكيف يستجيز مثله أن يثبت الطلب والأمر به ولا مطلوب وهل يستقل طلب دون مطلوب مقدر ومحقق فليت شعري من أين يظن المجتهد؟ فإن الظنون لها أسباب.
فمن أقدم إقدام من لا يعتقد تشوفا ولا تطلبا كيف يظن ثم فيما ذكره خروج.