٩٣٤- فأما ما أشرنا إليه من تشبيه هذا الضرب على رأي مالك [بالطهارات فهو] يصلح لعقد المذهب وإلا فقد مهدنا أن القياس لا يجرى في محاولة تأصيل الأصول على هذا الوجه وإنما يجري [طرف] من التشبيه في [جزيئات] النوع من غير خروج عنه.
وأما التعلق بالظاهر فأوجه ولكن الشافعي لم يعتمد في إيجاب الإيتاء مجرد الظاهر لكن عول على سير الصحابة رضي الله عنهم وما كان منهم ونقل آثارا مطابقة لمعتقده وضم إليه أن الكتابة يتضمنها إرفاق من كل وجه والإيتاء منه وقد رآه الأولون على الاطراد يتضمنها والتبرعات لا تطرد سيما في الأموال والكتابة تلزم في حق السيد ومن متضمنها الرفق المنقول وما تقرر يلزم شيئا إذا صح لم يلزم الإقدام عليه على أن لا أرى مذهب الشافعي مسألة أضيق [مسلكا] من الإيتاء.
٩٣٥- ونحن نقول وراء ذلك: أما مالك فسوى بين الكتابة وبين باب الطهارات في إثبات إيجاب الأصل ولاح على أصله [إجراء] قسم الكتابة في وضع الشرع على باب الطهارات [باحتمال] أمور خارجة عن أقيسة المعاوضات فيها والشافعي لم يوجب الكتابة وقال للشرع تعبد في الإيجاب متبع وإن لم يكن منقاسا كإيجاب الطهارة وإن لم تجب النظافة وللشارع أحكام في رفع حجره وإطلاق حجر القياس اطراده كما جرى في الكتابة فكان احتمال الشرع لهذا في الكتابة على خلاف القياس [مضاهيا لإيجاب الشرع الطهارة على خلاف القياس] .
ويخرج من ذلك تعادل الضربين في خروج الطرفين عن القياس فانتهض إيجاب الطهارة [محصلا] لمكرمة النظافة كما انتهض رفع الحجر في الكتابة مرعيا في تحصيل العتاقة.
ثم قال الشافعي: في رفع الحرج في الكتابة ترغيب مالي يتعلق بغرض بين في تحصيل الكسب فإن العبد يحرص إذا [طمع] في العتاقة [والسيد] يتحصل على كسب كان لا يتحصل له بغير الكتابة بظاهر الظن فخرجت الكتابة عن قبيل القرب لظهور الغرض منها ولم يكن في الطهارات غرض ناجز [فلاق] بها ترغيب في الثواب وهذا يقتضي إلحاقها بالقرب المفتقرة إلى النيات فهذا تأسيس القول في البابين ونحن الآن.