بها وهو يروم إثبات المتنازع [فيه] وقد تبين أن الأمر على خلاف ما قدر وهو بمنزلة ما لو رام إثبات المختلف فيه ونصب علة في غير محل النزاع.
٩٦٦- ثم القول بالموجب ينشأ من اعتناء المعلل بموجب الحكم ولا يتصور قول [بالموجب] ومضمون العلة نفي حكم وإثبات حكم فإن المعلل يثبت ما ينفيه الخصم من الحكم أو ينفي ما يثبته فكيف يتصور المطابقة والأمر كذلك؟
نعم، إذا قال الحنفي في مسألة ماء الزعفران: ماء طاهر خالطه طاهر فالمخالطة لا تمنع صحة الوضوء قال السائل [الشافعي] المخالطة لا تمنع.
ثم ينقسم في هذا مقام السائل فقد ينقدح له [إبداء مقتضى] آخر سوى ما ذكره المعلل مع الاستمرار على الخلاف في الحكم فهذا إن اتفق فهو الغاية في هذا الفن من الاعتراض والغالب في ذلك أن يكون المعلل ذاكرا لبعض ما هو [علة] عند السائل فيبين المعترض أنه ليس موجبا على حياله وهو كما ضربناه مثالا الآن فإن المخالطة لها أثر عند الشافعي ولكنها بمجردها لا توجب منع الاستعمال.
فإن زاد المسئول فقال: المخالطة المغيرة لا توجب منع الاستعمال ألزم السائل القول بالموجب أيضا فإن المخالطة المغيرة لا تمنع التوضؤ فإن زاد وقيد الاعتلال بتفاحش التغيير وإمكان الاحتراز لم يجد أصلا يقيس عليه فإن حذف التعرض للموجب فقال: ماء طاهر خالطه طاهر فيجوز التوضؤ به انتقضت العلة كماء الباقلاء إذا كان مغليا بالنار وهذا مضيق يدفع فلا يجد المعلل محيصا عن التعرض للنقض أو القول بالموجب.
- ٩٦٧ ومما يطرأ في هذا الفن شيء ليس للرد والقبول فيه مجال وقد ينتهي الأمر بين المعترض والمجيب إلى قريب من الإلباس ونحن نبين الوجه فيه.
[فإذا] قال الشافعي في مسألة تمكين العاقلة مجنونا: جنون أحد المتواطئين لا يوجب درء الحد عن الموصوف بالعقل كجنون الموطوءة.
فقد يقول الحنفي: الجنون ليس دارئا وإنما الدارئ خروج وطء المجنون عن كونه زنا فليست المرأة ممكنة زانيا.
فيقول المجيب: إن صح ما قلت فالجنون هو الذي أخرج فعله عن هذه التسمية وغرضي إسقاط أثر الجنون فيقول المعترض: نصبت الجنون علة وهو عندي علة العلة وإطلاق التعليل [بالجنون] يشعر بكونه مماسا للحكم من واسطة فيجر التفاوض