بالتخصيص تناقض مع التنصيص على التعليل في موقع الخصوص فإذا كان لا يمتنع التصريح [بهذا وليس في اللفظ ما يأباه إباء النصوص وليس يمتنع إزالة الظواهر] فيخرج من مجموع ذلك أنه لا يمتنع تخصيص العلة ببعض المسائل.
٩٩٩- والأستاذ أبو إسحاق يمنع النص على التعليل على وجه لا يقبل التأويل مع تجويز التخصيص ويقول: إن تعرض اللفظ لقبول الخصوص في جريانه لزم أن يكون في وضعه متعرضا للحمل على غير قصد التعليل ولو كان نصا في قصد التعليل فهو نص في قصد التعميم إذ لو لم يكن كذلك لكان خروجه عن حكم العلة في بعض المسائل متضمنا خروجه عن حقيقة العلة في أصل الوضع وذلك يخالف موجب التنصيص على كونه علة.
وهذا الذي ذكره يعترض عليه التنصيص على النصب مع التنصيص على التخصيص ببعض المسائل فإن ذلك سائغ في الوضع ولو كان التخصيص ببعض المحال مخرجا للمنصوب عن كونه علما لكان الجمع بين التنصيص على النصب والتخصيص متناقضا وفي كلام الأستاذ تشبيب بمنع هذا وهو في مجاري كلامه جسور هجوم على منع ما لا سبيل إلى منعه فإن قدر منه القول بهذا رد الكلام معه إلى ما تقدم ذكره من كون هذا غير ممتنع من جهة أن أعلام الأحكام لا تقتضيها لأعيانها وإنما معنى كونها عللا أنها أعلام تنتصب بنصب الشارع.
وإذا كان كذلك [فلا معترض] على من ينصب علما في تعميمه وتخصيصه ولذلك لا يمتنع أن ينصب الشارع علما مثله متى طرده ولم يتضمن إشعارا ولا شبها مقبولا.
١٠٠٠- فهذا منتهى القول في هذا الفصل.
وعلى الجملة تخصيص المستنبط علة ينفصل عن تخصيص الشارع فإنه ليس للمستنبط وضع العلل على اختياره وإنما له النظر إلى درك ما يتخيله موضوعا بمسلك الظنون وإذا لم تجر العلة عامة فقد وهى ظنه على ما فصلنا القول في ذلك كما نفصل القول فيه قبل أن بينا المختار فيما يجوز ويمتنع