فأقول: إن كان مضمون القلب تعرضا لطرد لا يناسب مضمون العلة من طريق المعنى ولكن اتفق مذهب الخصم في الطرفين على مقتضى في نفي أو إثبات ولا يمتنع أن يفرق بينهما فارق فيثبت أحدهما وينفى الثاني ولكن القائل قائلان أحدهما: يثبت أمرا والثاني: ينفيه ولو قدر مصير صائر إلى إثبات أحدهما: ونفى، الثاني: لم يكن ذلك متناقضا فإذا وقع القلب والعلة على هذا النسق فالقالب فارض وقلبه غير قادح [لا] جدلا ولا معنى إذ لا تعلق لواحد من الطرفين بالثاني وكأن المسئول فرض الكلام في طرف وفرض السائل الكلام في طرف آخر وهذا ممنوع لا شك فيه.
ويمكن أن نمثل [هذا] بما قدمناه في العلة والقلب في مسح الرأس لو أخذنا بكونهما شبهين فإن المعلل قال في حكم علته: لا يتقدر الفرض بالربع وقال القالب: لا يكتفى بالاسم [ولا يمتنع من طريق المعنى ألا يتقدر بالربع ولا يكتفى بالاسم] وهذا يقوى جدا إذا صح مذهب معتبر غيرهما.
والأمر كذلك في المسح فإن مالكا رضي الله عنه أوجب الاستيعاب فلا ينتهض اتفاق مذهبي [الخصمين] في الطرفين على نفي وإثبات سببا في توجه الاعتراض إذا لم يكن الكلام في وضعه قادحا.
فأما إذا كان في القلب تعرض من طريق المعنى لمناقضة مقتضى العلة أصلا وسياقا وتفريعا فهذا إذ ذاك قدح من جهة تلاقي العلة والقلب على قضية التناقض ضمنا وإن لم يتلاقيا صريحا.
وهذا بمثابة قول القائل: مكث في محل مخصوص فلا يكون قربة لعينه كالوقوف بعرفة وغرض المعلل اشتراط الصوم في الاعتكاف ولكنه لم يستمكن من اشتراط ذلك صريحا لأنه لو صرح به لم يجد أصلا.
فإذا قال الشافعي: مكث فلا يشترط في وقوعه قربة صوم كالوقوف بعرفة فهذا القلب لم يتعرض للعلة تعرضا بينا فكان قادحا.
١٠٤٣- والقول الضابط في ذلك أن قول القائل لا يستقل بإثبات مذهبة من جهة أنه لا يكتفى بانضمام كل عبادة إلى الاعتكاف ولكن لم يتأت له التصريح فأبهم.