فنقول: رب فرق يلحق جمع الجامع بالطرد وإن كان لولاه لكان الجمع فقهيا فما كان كذلك فهو مقبول لا محالة غير معدود من الفروق التي يختلف فيها ومن آية هذا القسم أن الفارق [يعيد] جمع الجامع ويزيد فيه ما يوضح بطلان أثره ومثال ذلك أن الحنفي إذا قال في مسألة البيع الفاسد معاوضة جرت على تراض فتفيد ملكا كالصحيح فيقول الفارق المعنى في الأصل أنها معاوضة جرت على وفق الشرع [فنقلت] الملك بالشرع بخلاف المعاوضة الفاسدة فينتهض هذا الكلام إذا وفي صاحبه بتحقيقه مبطلا إخاله كلام المعلل وما أدعاه من إشعاره بالحكم فهذا النوع مقبول ومن خصائصه إمكان البوح منه بالغرض لا على سبيل الفرق بأن يقول السائل: لا تعويل على التراضي بل المتبع الشرعي في الطرق الناقلة إلى حد ما يعرفه الفقيه.
١٠٦٨- ومما يقع مدانيا لهذا أن الحنفي إذا قال طهارة بالماء فلا تفتقر إلى النية كإزالة النجاسة فالفارق يعيد كلامه ويزيد قائل: المعنى في الأصل أنها طهارة بالماء عينيه والوضوء طهارة حكمية ومقصودة أن [يخرم] فقه الجامع ويلحقه بالطرد.
وهذا محطوط عما استشهدنا به أولا من جهة أنا نرى مدار الكلام في هذه المسألة على الأشباه وقد يظن الحنفي أن الطهارة بالماء أشبه بالطهارة بالماء والفارق يدعى مسلكا فقهيا وإنما يبغي تشبيها ومدار الكلام في المسألة الأولى على اتباع التراضي أو اتباع الشرع فليفهم الفاهم ما يلقى إليه من حقائق الكلام.
١٠٦٩- ومما نجريه مثلا أن المالكي إذا قال الهبة عقد تمليك فيترتب على صحة الإيجاب والقبول فيها الملك [كالمعاوضة] فإذا قال الفارق: المعاوضة متضمنها النزول عن المعوض والرضا بالعوض وذلك يحصل بنفس العقد والتبرع عقد لا يقابله عوض فيشترط فيه [الإقباض] المشعر بنهاية الرضا [لم يكن هذا الفرق مبطلا بالكلية فقه الجمع ولكن سره أن الجامع أبدا يجمع بوصف عام] والفارق يفرق بوجه خاص فإن لم يبطل ما أبداه من خصوص الفرق في عموم الجمع فهذا مما تنازع فيه الأصوليون وإن أبطل فقه الجمع فلا شك في كونه اعتراضا.